يعتبر الجوع واحداً من أخطر القضايا التي لا تلقى اهتماما كافيا مقارنة بغيرها كالجائحة والنزاعات المسلحة.
وتتمحور أغلب الاهتمامات العالمية اليوم حول تغيّر المناخ وغيره من القضايا الملحّة المماثلة، فيما يعتبر انتشار الجوع واحدا من انعاكسات تغير المناخ وانتشار الجفاف في العديد من المناطق حول العالم.
جوعى بعدد سكان أوروبا
وارتفع عدد الأشخاص المتضررين من الجوع بشكل هائل ليصل إلى 828 مليون شخص في عام 2021 بزيادة تجاوزت 150 مليوناً منذ عام 2019؛ وهذا أكثر من إجمالي عدد سكان أوروبا الذي يتخطى 740 مليون نسمة.
وثمة 345 مليون شخص في 82 دولة يواجهون انعداماً حاداً في الأمن الغذائي – وهو المستوى الذي يعرض حياتهم وسبل عيشهم لخطر داهم نتيجة عدم استهلاك الغذاء بكميات كافية.
علاوةً على ذلك، يعيش ما يصل إلى 50 مليون شخص في 45 دولة على حافة المجاعة، وهناك أكثر من 880 ألف شخص يعيشون بالفعل في ظروف شبيهة بالمجاعة – وهو رقم ارتفع بواقع 10 أضعاف خلال السنوات الخمس الماضية بحسب بيانات على موقع برنامج الأغذية العالمي.
شبح الجوع
ومع هذا الارتفاع السريع في الأرقام، يعتبر هذا مؤشرا على البعد عن تحقيق هدف الإنسانية المشترك في القضاء على الجوع، وينذر بانتشار انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية بجميع أشكاله بحلول عام 2030 حيث يعد القضاء على الجوع وسوء التغذية ركيزة أساسية لأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.
وفي عالم يتمتع بمعايير أفضل من حيث مستوى المعيشة والمعرفة والوصول إلى التكنولوجيا، من الصادم حقاً أن نعلم أن الوصول إلى الغذاء لا يزال بعيد المنال بالنسبة للكثيرين. فلم يعد الجوع يعد يقتصر على مناطق جغرافية ومجتمعات بعينها، وإنما بات يشكل تهديداً حقيقياً للجميع.
وضرب الجفاف العديد من المناطق حول العالم شملت مناطق في دول مثل فرنسا والمغرب والصين، وأدت تلك الموجات لتلقلص العديد من إنتاج الحبوب الزراعية مثل القمح والشعير بل والمانجو ايضا في باكستان.
منحوتة الجوع
قال موقع “بيزنس إنسايدر” إن انخفاض مستوى الأنهار في أوروبا بسبب الجفاف الشديد أدى إلى الظهور منحوتة تعرف باسم “أحجار الجوع” (hunger stones) الأسبوع الماضي، وهذه الصخور موجودة في ألمانيا ويعود تاريخها إلى إلى عام 1616.
وأدت موجة الحر الشديد الأخيرة التي شهدتها القارة العجوز إلى تقلص مستوى الأنهار في جميع أنحاء القارّة وجفاف بعض البحيرات، ما كشف عن صخور منحوتة منذ قرون.
بصيص أمل يحتاج لدعم
وبصفته من بين قادة الجهود العالمية لمكافحة الجوع، يبذل برنامج الأغذية العالمي قصارى جهده لمعالجة هذا الأمر، ولكنه يواجه فجوات تمويلية حادة.
وكان البرنامج قد حشد في عام 2021 تمويلاً قياسياً قدره 9 مليارات دولار، غير أن التطورات الراهنة رفعت ميزانيته المتوقعة لعام 2022 إلى 22 مليار دولار.
ويبدو جلياً أن آفاق حل هذه المشكلة ستكون مسدودةً تماماً ما لم يصل إلى هذا المبلغ أو حتى نصفه.
وكان برنامج الأغذية العالمي على مر تاريخه “أول الحاضرين على مسرح الكوارث” لتقديم الدعم والإغاثة اللازمين؛ إذ يمتلك الكوادر والأنظمة والشبكات الضرورية لتقديم المساعدة الفورية، ونضمن وصول الموارد المناسبة إلى المحتاجين إليها باستخدام تقنيات مختلفة – مثل القياسات الحيوية – لتحقيق أهدافه بدقة.
كما عمل مع العديد من الشركاء لضمان استقرار النظم الغذائية الوطنية وسلاسل التوريد لمعالجة الأسباب الجذرية للجوع والقضاء عليه.
وفي عام 2021، ساعد ما يزيد على 128 مليون شخص في أكثر من 120 دولة ومنطقة حول العالم. ومع ذلك، فإن الاحتياجات الغذائية العالمية ستتخطى قريباً قدرة برنامج الأغذية العالمي أو أي منظمة أخرى على الاستجابة إذا استمر الوضع على هذا المسار الكارثي.
34 دولة يتهددها الجوع
وفي شهر يونيو/حزيران الماضي قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إن هناك خطراً حقيقياً فيما يتعلق بحدوث مجاعات هذا العام.
ودعا غوتيريش لاجتماع على مستوى الوزراء حول الأمن الغذائي إلى اتخاذ خطوات عملية لتحقيق الاستقرار في أسواق الغذاء وتقليل التقلبات في أسعار السلع.
وقال: “نواجه أزمة جوع عالمية غير مسبوقة.. أدت الحرب في أوكرانيا إلى تفاقم المشكلات التي تراكمت على مدى سنوات مثل اضطرابات المناخ وجائحة كوفيد-19 والخلل الكبير في وتيرة التعافي”.
وبحسب مؤشر الأمن الغذائي العالمي، وهو مقياس تستخدمه وكالات الأمم المتحدة والأجهزة الإقليمية وجماعات الإغاثة لتحديد مستوى انعدام الأمن الغذائي، يتعرض أكثر من 460 ألف شخص في الصومال واليمن وجنوب السودان لظروف المجاعة. وهذه هي مرحلة ما قبل الإعلان عن حدوث مجاعة في منطقة ما.
ووفقا لمؤشر الأمن الغذائي العالمي، يقف ملايين الأشخاص في 34 دولة أخرى على شفا المجاعة.