عم حسن .. رحلة 45 عام في مهنة بيع النظارات من العتبة إلى السيدة زينب

القاهرة – نورهان مهران:

الشارع المصري ممتلئ دائمًا بالقصص الملهمة والحكايات؛ فأينما مشيت وتجولت في شوارع القاهرة ستجد الحكاية التي ستبهرك، وحين يدفعك الفضول لمعرفة تفاصيل أية منها فإنك حتمًا ستذهل من تركيبة الشخصية المصرية التي لديها من العزيمة والإصرار ما يكفيها للقضاء على أكبر المحن والأزمات، وكل هذا بوجه بشوش مبتسم ومحب للحياة.

ومن القصص الملهمة الموجودة في شوارع القاهرة، وتحديدًا في السيدة زينب، هي قصة الأستاذ حسن عفيفي أو عم حسن، هو صاحب محل صغير لبيع نظارات الشمس والنظارات الطبية، ولا يعمل لمجرد “أكل العيش” كما يقال؛ بل يعمل حبًا وشغفًا للنظارات بكل أنواعها ومجال بيعها رغم مرور أكثر من 45 سنة عملًا بهذه المهنة، وعندما تقابلنا معه حكى لنا قصته من البداية.

العتبة والبدايات في السبعينيات وفي سوق من أهم الأسواق التجارية في مصر، بدأ عم حسن العمل كبائع صغير في تجارة النظارات في محطة العتبة، المكان الذي يحفظ له الجميل في احتضانه في بداياته، حيث كان حينها حديث العهد في هذا المجال؛ ثم سرعان ما تكون لدي عشق كبير للنظارات جعلته يسعى لفهم كل ما هو جديد في السوق من حوله، ودائمًا ما كان يطور من معرفته عن النظارات ومن ثم يطور من البضائع التي يشتريها.

التطوير وكأي مجال أو مهنة تتطور كل يوم أكثر من الذي قبله، كان كذلك مجال النظارات، وهذا أوجب عم حسن على التوسع والتطوير، فأخذ يعرف من هنا وهناك، حتى تعرف على كل جديد في السوق، وبدأ بطرح الماركات المقلدة بأسعار زهيدة، مثل: Ray Ban، وGucci، وFendi.

ثم بدأ يعمل في العدسات اللاصقة الاكسسوار منها والنظر وأيضًا بتكاليف قليلة، كما أنه أدرك أن السرعة عامل مهم، فعمل على فكرة تسليم العميل نظارته أو العدسة الخاصة به في نفس اليوم.ثم انتقل من العتبة إلى محل بالسيدة زينب، حيث أحدث في السيدة صيتًا كبيرًا لكونه متمرسًا وذي خبرة في النظارات، ولأسعاره المنخفضة جدًا التي تناسب أي شخص.

مواقف إنسانية

“الوقفة في الشارع بتحتم عليك تكون إنسان” هكذا عقب عم حسن على موقفه الإنساني مع ابنة صغيرة جاءت إليه في احتياج شديد للنظارة، ولكن تراجعت أمها على آخر لحظة لأن الأموال الباقية معها هي أموال دراسة ابنتها، فعليها أن تفاضل إما درس ابنتها، أو نظارتها.

فاختارت الأم بحسرة دفع مبلغ الدرس وتأجيل عمل النظارات الطبية؛ ليظهر هنا دور عم حسن الإنساني، ويصر على عمل النظارة الطبية لهذه الطفلة بدون أخذ أي أموال نظير صناعة وتركيب النظارة، وعندما سألناه عن السبب، قال: ” في بعض الأحيان لازم تكون إنسان قبل تاجر، وهذا كله ثواب”.

قاعدة جماهيرية في جميع أنحاء القاهرة

حب إخلاص وعمل، هذه هي خلطة النجاح التي اعتمد عليها عم حسن للوصول إلى قاعدة جماهيرية من جميع أنحاء القاهرة، رغم ضعف وقلة الإمكانيات الموجودة لديه بالمقارنة بالمحلات الكبيرة؛ فهو لا يمتلك إلا محل صغير للغاية يعرض فيه نظاراته، ومع ذلك يأتيه الناس من أكتوبر وفيصل والهرم والمعادي، وهذا إن على شيء؛ فإنه يدل على ثقة العملاء وراحتهم وارتباطهم الكبير بالعم حسن عفيفي.

amaالسيدة زينبالعتبةالقاهرة - نورهان مهران:عربوكالة الإعلام العربية
Comments (0)
Add Comment