كان قانون خفض التضخم، وهو الإنجاز التشريعي البارز لإدارة بايدن، يهدف إلى أكثر من مجرد خفض الأسعار: فقد تضمن أيضاً بنوداً ذكية لحماية المناخ. الآن، تسعى صناعة الوقود الأحفوري إلى الضغط لإيجاد ثغرات في القواعد المتعلقة بحوافز إنتاج الهيدروجين التي ستكافئها، ولكنها ستضر الكوكب.هذا الصراع الذي تبلغ قيمته مليارات الدولارات ينبع من حقيقة أن الهيدروجين يمكن إنتاجه بطرق عدة. أكثر من 90% من الهيدروجين اليوم هو «الهيدروجين الرمادي» المصنوع من الوقود الأحفوري: وهو ملوث جداً وسيئ للمناخ، لكن قانون خفض التضخم يوفر اعتمادات ضريبية للهيدروجين «الأخضر»، المصنوع باستخدام الطاقة المتجددة، و«الهيدروجين الأزرق»، الذي يُستخرج من الغاز الطبيعي، مع احتجاز ودفن جزء من انبعاثاته الضارة بالمناخ.نشرت وزارة الخزانة قواعد مسودة لتلك الحوافز في ديسمبر الماضي، والآن يجري صراع مكثف للتأثير على الصيغة النهائية، التي من المتوقع إصدارها في الأشهر القادمة.إذا اتبعت وزارة الخزانة العلم، فإنها ستساعد في خلق صناعة هيدروجين نظيف قوية تؤدي دوراً حقيقياً في مكافحة تغير المناخ. وإذا لم تفعل، سيتم إهدار مليارات الدولارات، وسيتضرر المناخ.وبموجب الاعتمادات الضريبية لإنتاج الهيدروجين النظيف من وزارة الطاقة، أو «القسم45V»، يمكن لمُنتجي الهيدروجين الذين يستوفون معايير الانبعاثات المنخفضة الجديدة الحصول على ما يصل إلى 3 دولارات من الأموال الفيدرالية عن كل كيلوجرام من الهيدروجين المنتج، ما يخفض التكاليف إلى أقل من دولارين لكل كيلوجرام. النظرية هنا هي أن الهيدروجين النظيف، مع المساعدة المبدئية، سيكون قادراً على المنافسة مع الهيدروجين الرمادي والوقود الأحفوري في غضون عقد من الزمان – وبعد ذلك لن يحتاج إلى إعانات إنتاج (وفقاً للنمط الذي حدث مع الطاقة الشمسية).بينما تتضمن القواعد المقترحة حماية مناخية مهمة للهيدروجين المصنوع من مصادر متجددة، فإنها تحتوي على ثلاث نقاط عمياء حاسمة للهيدروجين القائم على الوقود الأحفوري التي يحاول الصناعة استغلالها.ستتيح الثغرة الأولى التقليل الكبير من انبعاثات الميثان – وهو غاز دفيئة قوي، والمكون الرئيس للغاز الطبيعي ويمكن أن يتسرب إلى الغلاف الجوي في نقاط الاستخراج ومن خطوط الأنابيب والمعدات المتسربة. يمكن أن يحدث التقليل من خلال السماح لمُنتجي الهيدروجين الأحفوري بالاعتماد إما على متوسط معدل تسرب وطني، أو تقديرات غير محققة.يفترض مشروع القاعدة المقترحة أن المنتجين، في المتوسط، يطلقون أقل من 1% من الميثان الذي يمر عبر سلسلة التوريد الخاصة بهم. ولكن بناءً على القياسات التي أُجريت من خلال مجموعة متزايدة من التقنيات، نعلم أن معدل التسرب في مناطق جغرافية معينة أعلى بكثير، حتى يصل إلى 8%. قد تبدو هذه الأرقام صغيرة، لكنها ذات تأثير كبير على المناخ: بالنسبة لسلسلة التوريد لمُنتِج هيدروجين أزرق متوسط، فإن كمية الميثان غير المحسوبة يمكن أن تساوي التأثير المناخي طويل الأجل لما يصل إلى أربع محطات طاقة تعمل بالاغاز الطبيعي.تضغط شركات إنتاج الهيدروجين الأحفوري لاختيار الأرقام بعناية، باستخدام تقديرات تسرب غير محققة إذا كانت أقل من المتوسط الوطني، أو بدلاً من ذلك استخدام المتوسط الوطني إذا كانت أعلى منه. قد يؤدي ذلك إلى تضخيم الائتمان المطلوب بشكل كبير، ومنح إعفاءات ضريبية للمنتجين عن تخفيضات في الانبعاثات لم يحققوها.لقد أصبح «متوسط وطني» واحد هو المعيار في وقت لم يكن لدينا فيه طائرات من دون طيار وأقمار صناعية لمراقبة التسرب. لدينا هذه التقنيات الآن: لقد تقدمت التكنولوجيا بشكل أسرع من السياسات الحكومية. بدلاً من الاعتماد على متوسط رقم قديم، يجب أن تعتمد أرقام تسرب الميثان على البيانات المُقاسة، والمحققة من الحوض الذي يتم استخراج الغاز الطبيعي منه.وباستغلال ثغرة ثانية، يريد المنتجون استخدام تعويضات الكربون السلبية للامتثال للمعايير – على سبيل المثال، من خلال شراء اعتمادات للميثان الحيوي الذي يتم التقاطه من مزارع الألبان أو الميثان «الهارب» من مناجم الفحم.باستخدام هذا المخطط المحاسبي للانبعاثات، سيتمكن المنتجون من تقليل كثافة الكربون في منتجاتهم على الورق فقط. قد يزعم المصنع أنه «صافي صفر»، بينما في الواقع يستخدم تقنيات قديمة ملوِثة، ويطلق كميات كبيرة من التلوث المناخي والجوي. في حين أن اعتمادات الكربون القابلة للشراء يمكن أن تكون أداة فعالة، فإن تطبيقها على القسم 45V سيقوض أحد أهدافه الرئيسة: توسيع إنتاج الهيدروجين النظيف.والثغرة الأخيرة هي خدعة محاسبية أخرى، حيث يريد مُنتجو الهيدروجين الأحفوري تخصيص جزء من انبعاثاتهم للمنتجات الثانوية، مثل البخار، المستخدم في عمليات غير ذات صلة مثل إنتاج البتروكيماويات. سيتحول حساب التلوث من حيث يحدث بالفعل – إنتاج الهيدروجين – إلى حيث لا يحدث، مثل عمليات البخار، من أجل الحصول على الإعانات.إن الهيدروجين يتمتع بإمكانات هائلة، ولكن إذا أسيء التعامل معه إذا سُمح للثغرات بالبقاء في القواعد النهائية الخاصة بـ 45V فإن الهيدروجين القائم على الوقود الأحفوري («الرمادي» أو «الأزرق») سيتلقى دعماً حكومياً أكبر كثيراً مما كان مقصوداً، أو مما هو مطلوب لكي يصبح قادراً على المنافسة من حيث التكلفة. وهذا من شأنه أن يحول مليارات الدولارات من الحوافز الاستثمارية بعيداً عن مسارات الانبعاثات القريبة من الصفر، مع عواقب وخيمة على التلوث. فمع كل منشأة للهيدروجين الأحفوري يتم بناؤها بدلاً من منشأة للهيدروجين المتجدد، من المتوقع أن تزيد انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي سبعة أمثالها على الأقل.