dhl
dhl

عبدالله الجنيد يكتب: عودة القلق الأوروبي

كلما سنحت الفرصة للحديث مع بعض الأصدقاء الأوروبيين (من المختصين في شؤون الشرق الأوسط)، أجد لديهم قناعة راسخة بعودة حالة عدم الاستقرار في عموم الشرق الأوسط، وتحديداً عودة الإرهاب المتمثل بـ«الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) غير قابل للتبرير.

وقد أتفق وإياهم حول هشاشة الوضع السياسي في عموم ما يعرف (دول الساحل) شمال غرب أفريقيا، نتيجة غياب إرادة سياسية وطنية أو أفريقية وحتى دولية قادرة على فرض الاستقرار أو التحفيز عليه.

وكذلك هو الحال من التوافق الدولي على محاربة الإرهاب بفاعلية، بدل استنساخ حالة الاستنزاف العبثي المتبادل بين القوى الكبرى على حساب الاستقرار الإقليمي، وقد شهدناه في سوريا والعراق وليبيا.

أما ثانياً، فإن تجذر حالة التجاذب الجيواستراتيجي بين الغرب (الولايات المتحدة) والشرق (الصين والاتحاد الروسي) بات المحفز الأكبر لاستدامة حالة عدم الاستقرار ليس فقط في الشرق الأوسط وأفريقيا، بل تجاوز ذلك حوض المتوسط ليصل أوروبا، والأزمة الأوكرانية أكبر الأمثلة على ذلك الواقع. إلا أن ذلك لا يعفي دول الشرق الأوسط من تطوير مفهوم فاعل وغير متسامح مع مصادر التهديد لاستقرارها، وخصوصاً فيما يتعلق بعودة ظهور «داعش» في سوريا والعراق، أو الاستمرار بقبول انتهاكات «الحوثي» تحت مسمى «طرف أصيل في حرب أهلية».

فيجب نزع الصفة السياسية عن أي طرف ترتكز هويته السياسية على قدرته العسكرية خارج إطار الدولة، أو متجاوزاً للإرادة الوطنية وممثلاً لأجندات غير وطنية (حزب الله بكل تفرعاته/ الإخوان المسلمين/ داعش).

وقد رأينا مآلات الانسحاب الأميركي من أفغانستان، وما قد يمثله ذلك مستقبلاً نتيجة حالة الجغرافيا السياسية المتصلة والمتماثلة أيديولوجياً على تهديد حالة الاستقرار النسبي في الشرق الأدنى ومخاطر انسكاباتها المحتملة وبكل الأشكال على عموم الشرق الأوسط، خصوصاً مع استمرار حالة الهشاشة السياسية في عموم حوض الرافدين.

انحسار حالة السيولة اللامتناهية في العراق وسوريا واليمن وليبيا وسيناء يعد إنجازاً نسبياً ويستدعي اضطلاع دول الإقليم بمسؤولية مباشرة في تطوير آليات عمل مشترك أو منفرد (إن لزم ذلك من دول مركزية في احتواء مصادر تهديد مباشر أو ذات صفة مماثلة)، والتفويض الدولي في محاربة الإرهاب يعطينا الحق في الاصطلاع واتخاذ ما نراه متناسباً، انطلاقاً من مسؤوليتنا المباشرة عن أمننا الإقليمي تجاه أي شكل من أشكال مصادر التهديد تلك.

وبالعودة لتساؤلات الأوروبيين حول مخاوفهم من «فرضية» عودة حالة عدم الاستقرار لعموم الشرق الأوسط، فيجب أن يحفز ذلك التساؤل الأوربيين قبل غيرهم من الأطراف الدولية على طرح السؤال التالي: هل يمكن فصل الأمن الأوروبي، إنْ أهمل الأوروبيون تطوير مفهوم متقدم لأمن عموم حوض المتوسط بالشراكة مع حلفائهم في الشرق الأوسط؟

الاتحاد الإماراتية

airfrance
مرسيدس
Leave A Reply

Your email address will not be published.