هناك العديد من الأسباب لتدهور الأوضاع بشركة ميتا بلاتفورمز، التي فقدت ثلثي قيمتها السوقية وخفضت 11 ألف وظيفة في 2022.
غياب الشفافية وسياسة الحياد
وفق وكالة بلومبرج، ربما يكون للأخبار التي انتشرت عن التأثير السياسي والاجتماعي لمنصات وتطبيقات ميتا، الممثلة في؛ (فيسبوك، انستجرام، واتساب” وقعًا بالغ الضرر على الشركة.
اليوم، يتشكك المستثمرون في خطط الرئيس التنفيذي مارك زوكربيرج للتحول من الشبكات الاجتماعية إلى شبكة ميتافيرس ويخشون من ارتفاع المنافسين مثل تيك توك التابعة لشركة بايت دانس المحدودة. وهذا لا يعني شيئًا حينما نتحدث عن الضغوط على الاقتصاد الأوسع وسوق الإعلان الرقمي.
أبل.. وتقويض صناعة الإعلانات المستهدفة
ولكن هناك عامل واحد يلوح في الأفق فوق البقية، ويتمثل في التغييرات التي طرأت على سياسات الخصوصية لشركة “أبل”. والتي زعزعت أسس صناعة الإعلانات المستهدفة.
ويقول ماكس ويلينز، كبير المحللين في شركة Insider Intelligence، إن قدرة ميتا على التعافي تعتمد إلى حد كبير على إيجاد طرق للعمل في هذه البيئة الجديدة.
ولطالما أكد زوكربيرج للمعلنين أن شركته تضمن استهداف الإعلانات للمستخدمين المناسبين على “فيسبوك” و”إنستجرام”، حيث استخدمت “ميتا” بيانات مستخدميها لتسهيل تعرّف المعلنين على مستخدمين وفقاً لسماتهم الخاصة. على سبيل المثال، تحديد عملاء جدد يشابهون في صفاتهم عملاء حاليين لبيعهم نفس المنتجات.
لكن غيرت “أبل” سياسات الخصوصية لديها العام الماضي فقلص ذلك من استهداف الإعلانات عبر الأجهزة التي تعمل بنظام التشغيل “أي أو اس” (iOS) بشدة وسمح للمستخدمين بتحديد ما يمكن للمعلنين تتبعه فزادت تكلفة الإعلان على “ميتا”، لأن المعلنين الأقل دقة في استهداف عملائهم اضطروا لزيادة الإنفاق وعرض إعلاناتهم بما يشمل غير المستهدفين.
تراجع إيرادات ميتا 4.5% بالربع الثالث
وقد ألقت التغييرات بأعباء إضافية على صناعة الإعلان الرقمي بالكامل، لكن “ميتا” تأثرت بشكل خاص، حيث بلغ إجمالي إيرادات الشركة في الربع الثالث 27.7 مليار دولار متراجعة 4.5% على أساس سنوي.
في المقابل، ارتفعت إيرادات “ألفابيت” مالكة “جوجل” 6% كما نمت إيرادات منافسين أصغر حجماً مثل “سناب” و”بنترست” بأكثر من 5%. وتظهر تقديرات “إنسايدر إنتليجنس”، التي تتوقع انخفاض حصة “ميتا” و”ألفابيت” من الإنفاق على الإعلانات الرقمية بالولايات المتحدة لأقل من 50% العام المقبل، وذلك للمرة الأولى منذ 2019 على الأقل.
الرهان على ميتافيرس
ويبدو واضحًا في الوقت الراهن أن تفسير تركيز زوكربيرج على “ميتافيرس” يستهدف تحجيم قدرة “أبل” في العالم الافتراضي طالما أن “ميتا” تتحكم بالأجهزة ونظام التشغيل.
في نفس الوقت، قال زوكربيرج للموظفين في رسالة في 9 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري إنه يرى ضرورة أن تصبح “ميتا” “أصغر حجماً وأكثر كفاءة”. إنه يوجه تركيزها نحو الذكاء الاصطناعي تعزيزاً لتنافسيتها مع “تيك توك”، ونحو الاعتماد على منصة “ميتا” الإعلانية الضخمة لتمويل رؤيته طويلة المدى.
لتحقيق ذلك، تعيد “ميتا” استكشاف تقنية الاستهداف التي ستستخدمها بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي لتحدد المستخدمين الذين ينبغي أن يروا الإعلانات.
اليوم، بعض تعديلات “ميتا” تؤتي ثمارها بعد عام من تغييرات “أبل”، حيث نشرت “آبسمر” لأبحاث التسويق دراسة في سبتمبر حول الإنفاق على أكثر من 100 تطبيق للمستهلكين بكافة أنحاء أفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط وأمريكا الشمالية تكشف ثبات حصة ميزانيات الإعلانات المخصصة لـ”ميتا” خلال الربعين الأول والثاني. وقالت “آبسمر” إن حصة الشركة بلغت الآن نحو 28% بعدما تراجعت من 32% إلى 24% خلال الستة أشهر الأولى من تطبيق إجراءات “أبل.
يشاهد المستخدمون نحو 140 مليار مقطع فيديو على منصات “ميتا” يومياً. لكن “ريلز” لم تحقق بعد إيرادات كباقي المنتجات، ما يخفض إيرادات الشركة جرّاء تحول جمهورها نحو مشاهدتها، إذ قال زوكربيرغ في مؤتمر هاتفي للتعليق على أرباح الشركة في أكتوبر إن تلك الخدمة كلفت “ميتا” في الربع الأخير 500 مليون دولار وإن المنتج سيبقى عبئاً لما يتراوح بين 12 و18 شهراً.
كما تعمل “ميتا” على تطوير إعلانات توجه مستخدمي “فيسبوك” و”إنستجرام” إلى تطبيق “ماسنجر” أو “واتساب” للتحدث مع المعلن، وهو المنتج الذي وصفه زوكربيرج بأنه المنتج الإعلاني الأسرع نمواً للشركة، وقال إنه يحقق حالياً أرباحاً يتوقع أن يصل معدلها السنوي إلى 9 مليارات دولار.