القاهرة – مي عبده:
بعد غياب 5 سنوات، عاد محمد سعد إلى شاشة السينما بفيلم «الدشاش» الذي عُرض في الصالات المحلية، بعدما اشتهر بتقديم شخصيات كوميدية تميزت بالخفّة والسخرية، وفي هذا العمل يكسر حاجز التكرار الذي أصبح جزءاً من هويته الفنية، حيث يقدم شخصية مركبة تدمج بين الكوميديا والدراما، تعكس محاولاته لإيجاد مساحة جديدة وتقديم رسالة اجتماعية ذات أبعاد فلسفية. وكان غياب سعد عن الساحة الفنية بمثابة فرصة لإعادة اكتشاف ذاته، وتجديد أفكاره حول خياراته المستقبلية.
جمهور ذوّاقعندما عُرض الفيلم في الإمارات، نال استحساناً كبيراً من الجمهور الذي أشاد بأداء محمد سعد المتجدد وبالرسالة العميقة التي حملها العمل. وفي هذا الصدد، علّق سعد قائلاً: لطالما كانت الإمارات بيئة خصبة للفن، ومن البديهي أن يحظى العمل بتقدير كبير، فالجمهور الإماراتي يمتلك ذائقة فنية رفيعة المستوى.وذكر سعد، أن ردود الفعل الإيجابية تحمل في طياتها الكثير من المعاني، خصوصاً عندما يأتي من جمهور على دراية واسعة بكيفية اختيار الأعمال الفنية المميزة، وهذا يشجعني على تقديم المزيد من الأعمال لهذا الجمهور الذي لا يتوقف عن دعم الفن الهادف.تدور أحداث «الدشاش» في إطار اجتماعي مليء بالصراعات والتحديات، حول رجل قوي خارج عن القانون، يعيش حياة محاطة بالمخاطر ولا يهاب أحداً، عالمه يعج بالأعداء وبمعارك غير مرئية مع ماضيه، ويجد نفسه في مواجهة مواقف تقلب حياته رأساً على عقب، ويكون مجبراً على التغيير وإعادة تقييم الماضي والمستقبل.وتجسد القصة رحلة الإنسان مع ذاته، من العنف إلى التأمل، ومن الغضب إلى البحث عن الفرص التي قد توفر له التغيير الحقيقي، ويطرح الفيلم سؤالاً فلسفياً عميقاً: هل يمكن للإنسان أن يتغير بعد أن يكون قد اختار طريقاً مظلماً؟ وهل يمكن للمواقف الصعبة أن تجبره على رؤية نفسه بشكل مختلف؟شخصية جديدةفي هذا السياق، قال محمد سعد: كنت في حاجة ماسة للابتعاد قليلاً، لكي أعود بشخصية جديدة، وكنت أبحث عن عمل يحمل لي ولجمهوري قيمة أكبر. وهذا التوقف الطويل لم يكن مجرد استراحة عابرة، بل بمثابة فترة تأمل عميقة كانت ضرورية ليجد طريقه الفني الجديد، بعيداً عن الأضواء الضاغطة التي قد تشتت التفكير.واعتبر أن الغموض الذي أحاط بغيابه، كان فرصة للابتعاد عن الاستعجال في العودة إلى السينما، فهو يطمح إلى شيء جديد يعكس تطوره الفني، وعندما قرر العودة من خلال «الدشاش»، كان يدرك أن الانتقادات المتعلقة بتكرار الشخصيات الكوميدية ستكون حاضرة.كوميديا ودراماأوضح سعد، أنه أراد أن يبتكر شخصية مغايرة، تجمع بين الكوميديا والدراما، وتكشف عن أبعاد إنسانية وعاطفية لم يكن قد استعرضها من قبل، فشخصية «الدشاش» ليست مجرد تمثيل لحالة كوميدية، بل كانت تحدياً حقيقياً له لتحويل هذا النوع من الشخصيات إلى مساحة ذات صبغة أعمق وأكثر نضجاً، تنطوي على أبعاد نفسية وإنسانية تمثل التطور في فهمه لذاته وللأدوار التي يمكن أن يقدمها لجمهوره.وسعى سعد في هذا العمل إلى تقديم صورة صادقة للمجتمع، ليجسد واقعه بكل تعقيداته، فالفيلم ليس مجرد كوميديا، بل مرآة تعكس الواقع بكل تفاصيله الدقيقة، في محاولة للخروج عن الأطر التقليدية التي اعتاد الجمهور على رؤيتها في أعماله السابقة.فرصة للتأمللا تقتصر كوميديا «الدشاش» على السخرية من الواقع، بل تتعداها لتكون أداة للنقد الاجتماعي، تتيح للمشاهد فرصة للتأمل العميق في القضايا اليومية، مثل صراعات الحياة، والأمل في التغيير، ومفاهيم الخير والشر. والفيلم يقدم تسلية ذكية لا تقتصر على الابتسامة السطحية، بل تتجاوزها إلى طرح أسئلة فلسفية حول الذات والمجتمع.
رؤى جديدة
أعرب محمدسعد عن رغبته في تقديم شخصيات جديدة ومشروعات غير تقليدية، موضحاً أن السينما لا تتوقف عند نقطة معينة، بل هناك دائماً شيء جديد يبحث عنه لتقديم أعمال تحمل أفكاراً ورؤى جديدة ومختلفة بعيداً عن التكرار.
