القاهرة – مصطفي المصري:
ما زالت جودة البنزين في مصر تثير الجدل بعد ما تم تداوله عن خلط البنزين في مصر بالمنجنيز خاصة بعد خطاب رابطة مصنعي السيارات الأوروبية.
ووجهت الرابطة الأوروبية التي تجمع 16 شركة كبرى لتصنيع السيارات والشاحنات والحافلات، بينها: BMW، مرسيدس، فيراري، تويوتا، هيونداي، هوندا وفورد، خطابا إلى المسؤولين المصريين تشكو فيه من تراجع جودة البنزين في مصر.
وحسب الخطاب، تكبد وكلاء تلك الشركات خسائر نتيجة “تداول بنزين في مصر ذي جودة رديئة، مضافاً إليه المنجنيز. ويتسبب في مشكلات تقنية لمحركات السيارات خاصة التيربو منها”.
وبحسب ما تم تداوله مؤخرا فإن الخطاب نشرته بعض شركات السيارات لتخلي مسؤوليتها عما يحدث لمحركات السيارات -المبيعة في مصر- خلال فترة الضمان.
تشكيك في الخطاب
لكن غرفة البترول والتعدين باتحاد الصناعات المصرية شككت فيما جاء بالخطاب وأكد مجلس إدارة الغرفة أن الخطاب لم يوضح من أين تم أخذ العينات سواء من مستودع أو من محطة وقود.
وأضافت الغرفة في بيان صحفي صادر صباح اليوم الخميس: “في الغالب تم أخذ تلك العينات من تنكات السيارات، وهذا ليس من مسؤولية الهيئة المصرية العامة للبترول والتي تنحصر مسئولياتها في توفير المنتجات البترولية بكافة أنواعها وبأعلى معايير الجودة طبقاً للمواصفات القياسية العالمية، وتقوم بتسليمها إلى المستودعات الرئيسية والفرعية ومحطات الوقود بعد أخذ عينات وتحليلها والتأكد من جودتها قبل طرحها أمام الجمهور”.
وفي وقت سابق، أكدت هيئة البترول المصرية التابعة لوزارة البترول على عدم خلط أي معادن أو منجنيز مع البنزين المبيع في الأسواق، وذلك للحفاظ على المعدات والآلات من التآكل سواء في مصافي التكرير أو محطات الوقود.
الشركات العالمية ترد
وبحسب البيان فإن الهيئة أكدت على أن شركات التسويق العالمية العاملة في السوق المصري مثل موبيل وشل وتوتال وإكسون موبيل وإمارات مصر، وغيرها من الشركات الأجنبية العاملة في مصر تؤكداً دائماً أنه لم يثبت أن البنزين المستلم من الهيئة به أي معادن أو منجنيز بعد أخذ عينات من البنزين.
وتساءلت غرفة البترول المصرية لماذا خص الخطاب الهيئة الأوروبية محافظتي السويس والقاهرة فقط، بالرغم من أن البنزين المنتج من مصافي التكرير المصرية يتم ضخه في الشبكة القومية لخطوط أنابيب نقل المنتجات البترولية، ويتم أخذ عينات وتحليلها قبل توزيعها على المستودعات الرئيسية والفرعية ومحطات الوقود على مستوى الجمهورية سواء الخاصة بالشركات المصرية أو الأجنبية العاملة في مجال التسويق والتي تقوم بدورها بأخذ عينات وتحليلها مرة أخرى ولم يرد منها أي شكوى.
وأشارت الغرفة إلى أن منتجات البترول التي يتم استيرادها من الخارج بما فيها البنزين يتم أخذ عينات وتحليلها للتأكد من مطابقتها للمواصفات القياسية قبل ضخها في الشبكة القومية لخطوط الأنابيب.
30 مليون لتر بنزين في مصر يوميا
وأضافت غرفة البترول أن هناك أكثر من 30 مليون لتر من البنزين في مصر يتم استهلاكها يومياً في مختلف محطات الوقود على مستوى الجمهورية، وأن هيئة البترول لا تألو جهداً في تشكيل فرق ومجموعات عمل تقوم بالمرور المفاجئ والدوري على محطات الوقود في مختلف محافظات مصر وأخذ عينات عشوائية وتحليلها للتأكد من سلامة المنتج وعدم تغيير في مواصفاته القياسية.
وكان خطاب مسرب وجهته الرابطة الأوروبية لمصنعي السيارات ACEA إلى الحكومة المصرية، أثار حالة من الجدل على وسائل التواصل الاجتماعي.
الخطاب الأوروبي
وجاء بالخطاب، أن المصنعين المنتجين للسيارات المتداولة في مصر، يواجهون شكاوى متزايدة من العملاء، خاصة أصحاب المركبات ذات محرك “التيربو”، حيث تعطلت مئات المركبات في عام 2021، كما انخفض عمر المحركات إلى 10 آلاف كيلومتر فقط، وذلك بسبب استخدام نوعية ردئية من البنزين.
وأوضح خطاب الشركات أنه بتحليل العينات المستعادة من العديد من المركبات المتضررة، تبين وجود عنصر المنجنيز في البنزين الخالي من الرصاص 92 (الأكثر استخداماً بين مالكي السيارات الخاصة) وبنزين 95. ومثلت محافظتي القاهرة والسويس، مناطق القلق بالنسبة لهذه المشكلة، بينما لم تظهر في محافظات الإسكندرية ومرسى مطروح. وتراوح مستوى تركيز المنجنيز بين 62 و46 مجم/ لتر، وهو مستوى مرتفع للغاية.
وأرجعت رابطة مصنعي السيارات وجود المنجنيز في البنزين إلى المضافات المعدنية التي تحمل الاسم التجاري MMT، التي ترفع رقم الأوكتان “مقياس لمقدرة الوقود على مقاومة الاحتراق المبكر” من 92 إلى 95.
أضرار المنجنيز المضاف للبنزين
ووفقاً للخطاب، يُحدث المنجنيز انسدادات في المحركات، ويلحق أضراراً بشمعة الاشتعال تسبب اختلال في أداء المحرك، كما يتسبب في مستويات غير طبيعية من الضوضاء في المركبات.
وعلى المستوى البيئي، يؤدي المنجنيز إلى زيادة انبعاثات الكربون: أول أكسيد CO، الهيدروكربونات HC، أكاسيد النيتروجين NOX.
وأرفقت الرابطة بالخطاب دراسات توضح الآثار غير المرغوب فيها التي تلحق بالسيارات بسبب الإضافات التي تحتوي على المنجنيز في البنزين، والتأثير السلبي لزيادة الانبعاثات الملوثة والجسيمات المعدنية فائقة الدقة وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون على البيئة، وأخرى توضح المخاوف بشأن التعرض للمنجنيز المصنف على أنه سام للأعصاب ويُصنف في نفس فئة الكادميوم والرصاص والزئبق.
وذكَّر الخطاب المسؤولين أن مصر تتبع معايير الاتحاد الأوروبي لجودة الوقود، والتي تقيد محتوى المنجنيز بحد أقصى 2 مجم/ لتر، كما طالب بوضع بطاقات تعريف على مضخات الوقود توضح احتواؤه على معادن إضافية، حتى يتمكن العملاء من اختيار الوقود المناسب لسياراتهم وفقاً لتوصيات الشركات المصنعة
ولفت الخطاب إلى أن صناعة السيارات في الاتحاد الأوروبي والعالم، تتجه إلى تطبيق معايير أكثر صرامة بشأن العوادم، وسيُباع في جميع أنحاء العالم مركبات ذات محركات مزودة بتقنيات متقدمة للتحكم في الانبعاثات، وتسعى رابطة صناع السيارات الأوروبية أيضاً إلى حظر استخدام المضافات القائمة على المنجنيز والمضافات المعدنية الأخرى.
الحكومة تدافع عن جودة البنزين في مصر
فيما كشف المركز الإعلامي لمجلس الوزراء المصري عن حقيقة احتواء البنزين على منجنيز ومعادن أخرى تتسبب في أعطال السيارات، حسبما تردد في بعض المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي.
وأوضح المركز، عبر حسابه الرسمي في “فيسبوك”، أنه تواصل مع وزارة البترول والثروة المعدنية التي نفت تلك الأنباء.
وأكدت الوزارة أنه لا صحة لاحتواء البنزين على منجنيز أو أي معادن، مُشددةً على أن كل منتجات البنزين بأنواعه، سواء التي يتم إنتاجها محلياً أو استيرادها من الخارج، سليمة ومطابقة للمواصفات القياسية، وخالية من المنجنيز أو المعادن.
ولفتت إلى أن البنزين يخضع لعمليات مراجعة وتحليل دقيقة ومستمرة قبل دخول المستودعات الرئيسة والفرعية لشركات التسويق للوزارة، مُشيرةً إلى أنه هناك فرق تفتيش بصفة دورية من هيئة البترول للرقابة على الجودة.
وشددت على أن البنزين في مصر خالٍ من المنجنيز الذي لا يمكن استخدامه لتأثيره بالتلف في بعض أجزاء من مصافي التكرير.