dhl
dhl

أزاحت والدها “المثير”.. لوبان “الوصيفة” تواصل العدو نحو الرئاسة

لم يعد طموح السياسية اليمينية ماري لوبان، يقتصر على رتبة “الوصيفة”، في السباق نحو قصر الرئاسة الفرنسي، وتنتظر الحسم بعد ساعات.

السيدة الطموحة التي عرفت بطباعها الحادة، هي الابنة الصغرى لجان-ماري لوبان، مؤسس حزب “الجبهة الوطنية”، وأحد أبرز الوجوه المثيرة للجدل في التاريخ الحديث للسياسة الفرنسية.

ومثل والدها في 2002، بلغت ماري لوبان الدورة الثانية الفاصلة لانتخابات 2017، حين خسرت أمام إيمانويل ماكرون الذي تواجهه مجددا اليوم الأحد في تنافس حاسم لاسم رئيس فرنسا.

على مدى عقود، بقي لوبان الأب الاسم الطاغي في اليمين المتطرّف الفرنسي. إلا أنه لم يكن ليحلم بالمدى الذي بلغته الصغرى بين بناته الثلاث.

فحضور ماري لم يكن حصرا نتاج الوراثة السياسية، بل يعود نجاحها في تحقيق ذلك بشكل أساسي إلى عملها بتروٍّ على تفكيك ما أسّسه والدها، خصوصا إزالة كل الرواسب العنصرية والمعادية للسامية التي طبعت خطابه.

مضت لوبان في “نزع الشيطنة” عن الجبهة الوطنية، ووصلت إلى حد طرد والدها المؤسس في أغسطس/ آب 2015، بعدما باتت على قناعة بأن مواقفه الخلافية والجدلية ستبقى عائقا أمام أي انتصار على المستوى الوطني.

وقالت في هذا الشأن “اقتديت بهذا الرجل (…) قاتلت كثيرا لأجله لكن في لحظة معيّنة، وجب التوقف عن ذلك”.

عملت لوبان على تغيير صورة الحزب الذي تترأسه منذ 2011، عبر مسار “تطبيع” كانت إحدى محطاته تغيير الاسم؛ إذ حلّ “التجمع الوطني” بدلا من “الجبهة الوطنية” في 2018.

لعبة الأسماء لم تعد غريبة عن تكتلها السياسي: الإرث الثقيل الذي تركه جان-ماري، دفع الحزب إلى أن يخوض الحملة الانتخابية مع التركيز على اسم “ماري” بدلا من كنيتها التي كانت عبئا عليها منذ أعوام طويلة.

المطلقة المحرومة من العاطفة

خلال مقابلة مع مجلة “كلوزر” قالت ماري إنه خلال شبابها “لم يكن سهلا على الناس الانخراط في علاقة عاطفية مع ماري لوبان” بسبب الاسم الذي تحمله. مضيفة: “أذكر أن أحد الرجال اختار الانفصال عني بسبب ثقل الضغط الذي فرضه عليه محيطه الاجتماعي”.

ولوبان (53 عاما) هي أم لثلاثة أولاد من زواجين أفضيا إلى الطلاق.

سعت لوبان خلال الأعوام الماضية إلى تقديم صورة أكثر ودّية: ردود فعل أقل انفعالا في مواجهة أسئلة الصحفيين، ملابس بألوان فاتحة، وابتسامة حاضرة حتى في خضم المناظرة التلفزيونية مع ماكرون قبل أيام من يوم الحسم.

في الجوهر السياسي، تركّز على الاقتصاد الذي كان هامشيا في قائمة أولويات الجبهة الوطنية، سعيا لجذب ناخبين “خسروا” جراء العولمة.

ركزت لوبان في حملة 2022 في مواجهة ماكرون، المصرفي السابق الذي يصف البعض بأنه “رئيس للأثرياء”، على القدرة الشرائية التي باتت الشغل الشاغل للفرنسيين مع ارتفاع أسعار موارد الطاقة والغذاء عالميا في ظل الحرب الروسية على أوكرانيا.

القرض الروسي يطوق لوبان

حضرت العلاقة بين لوبان وروسيا التي زارتها خلال 2017، بشكل أساسي في المناظرة التلفزيونية مع الرئيس.

اتهمها الأخير بالارتهان مادياً لروسيا بسبب قرض حصلت عليه من مصرف روسي، وبأنها باتت “تعتمد” على الرئيس الروسي بوتين. ردّت لوبان بتأكيد دعمها “أوكرانيا حرّة لا تتبع لا للولايات المتّحدة ولا للاتحاد الأوروبي ولا لروسيا، هذا هو موقفي”.

خاض المتنافسان نقاشا حادا بشأن الاتحاد الأوروبي الذي يعد محورا أساسيا في سياسة ماكرون الخارجية، بينما نفت لوبان الاتهامات بأنها ترغب في إخراج فرنسا من التكتّل.

وقالت “أريد تطوير هذه المنظمة الأوروبية، لكن يا سيد ماكرون لم أعتقد أنك ستتبنى نظرية مؤامرة”، في حين اعتبر الرئيس المنتهية ولايته أن مواقف غريمته تجعل من انتخابات الأحد “استفتاء مع أو ضد أوروبا”.

في الدورة الأولى، حضر على يمين لوبان المرشح إيريك زمور صاحب المواقف المتطرفة والمثيرة للجدل، والذي من السباق بعدما نال نحو سبعة في المئة من الأصوات، لكنه دعا إلى التصويت للوبان في الدورة الثانية.

أثار المنافس السابق الجدل خلال حملته. فقد قال على سبيل المثال إنه سيلزم العائلات بإطلاق “أسماء فرنسية” على المواليد الجدد، وقد يؤسس وزارة “لإعادة الهجرة” لطرد الأجانب غير المرغوب بهم.

مواقف متطرفة “هادئة”

ورغم انتمائها أيضا إلى اليمين المتطرف، تفادت لوبان الانجرار إلى مواقف زمور الحادة.

وقالت الباحثة المشاركة في معهد العلوم السياسية في باريس سيسيل آلدوي إنه مقارنة “بالخطاب الراديكالي وحتى الفظ” الذي اعتمده زمور، “اختارت ماري لوبان العكس، أن تقوم بتطبيع وتلطيف وتليين خطابها”.

وشددت آلدوي المتخصصة في دراسة اليمين المتطرف، على أن “برنامج (ماري لوبان) لم يحِد على الإطلاق عن أسس الجبهة الوطنية مثل الهجرة والهوية الوطنية، إلا أنها اختارت مفردات أخرى لتبريره”.

وتوضح أن لوبان باتت “تهاجم الإسلام وتريد الحدّ بشكل جذري من الهجرة غير الأوروبية تحت ذرائع العلمانية والقيم الجمهورية، وحتى النسوية”.

وخلصت دراسة لمؤسسة جان جوريس نشرت حديثا، الى أن مواقف لوبان بشأن الهجرة باتت أكثر تشددا.

وتريد المرشحة اليمينية المتطرفة أن تدرج في الدستور “الأولوية الوطنية” التي ستحرم الأجانب من امتيازات عدة.

وتريد أيضا، حالها كحال زمور، طرد المهاجرين غير الشرعيين والمجرمين ومرتكبي الجنح الأجانب، إضافة إلى الذين يشتبه بتطرّفهم والأجانب العاطلين عن العمل لأكثر من عام.

airfrance
مرسيدس
Leave A Reply

Your email address will not be published.