تمكنت السعودية من تسعير الطرح المزدوج من أدوات الدين داخل القيمة العادلة لمنحنى العائد الخاص بها، حيث وصل إجمالي قيمة الطرح إلى 3.25 مليار دولار.
ومن المنتظر أن تستقبل بورصة لندن هذا الأسبوع الإصدارين الجديدين للسعودية.
وأظهر رصد وحدة التقارير في صحيفة “الاقتصادية”، أن شريحة 30 عاما من السندات الدولارية التي طرحتها السعودية هذا الشهر مكنت الخزينة العامة للدولة من الحصول على أدنى عائد من بين ثمانية إصدارات دولارية من أجل الاستحقاق نفسه.
وعائد السندات التي مدتها 30 عاما وتستحق في 2051، وهو 3.25 في المائة، يعد الأدنى بين قريناتها – من فئة آجال الاستحقاق – وذلك منذ أن أنشأت السعودية برنامج إصدارها الدولي في 2016.
وعلمت “الاقتصادية” أن الهامش الائتماني للسندات الثلاثينية بلغ 150 نقطة أساس، وذلك مقارنة بالهامش الذي دفعته السعودية في 2019 للشريحة نفسها وكان عند 230 نقطة أساس وذلك في مؤشر على انخفاض تكلفة التمويل بشكل متدرج.
في حين حلت شريحة 9.5 عام “تستحق في 2031 وبعائد 2.25 في المائة” في المرتبة الثانية من حيث العائد الأدنى بفئة آجال الاستحقاق من عشرة إلى 12 عاما.
ويعد الهامش الائتماني المسجل لهذه الشريحة “وهو 90 نقطة أساس” الأدنى منذ أكثر من خمسة أعوام لهذه الفئة من آجال الاستحقاق. ويعد ذلك تقدما ملحوظا في انخفاض هوامش الائتمان، مقارنة بالسندات العشرية التي تمت في 2020 التي وصل هامشها الائتماني إلى 270 نقطة أساس.
ويقوم عاملون في أسواق الدين بتسعير السندات والصكوك ارتكازا على “نقاط الأساس” المنبثقة من هوامش الائتمان لجهة الإصدار وكذلك “مؤشر القياس” الذي يستعان به.
وتترجم نقاط الأساس تلك إلى عشرات أو مئات الملايين من الدولارات “وفقا لإجمالي حجم كل إصدار” التي تدفعها جهات الإصدار على شكل أرباح دورية للمستثمرين. وعليه فالانخفاضات الملحوظة حاليا على منحنى العائد السيادي للسعودية تعد إيجابية لخزينة الدولة وإصداراتها المستقبلية.
ويعرف منحنى العائد بأنه خط يحدد الفائدة على أدوات الدين في وقت بعينه تمتلك فيه جهة الإصدار جدارة ائتمانية متوازنة، لكنها متباينة من حيث الاستحقاق، حيث يكون هناك على سبيل المثال فارق فائدة بين الصكوك والسندات لأجل خمسة أعوام ولأجل 30 عاما.
ويتخذ منحنى العائد عادة اتجاها صعوديا وهو المنحنى الطبيعي، ولكن عندما ينقلب بأن يكون العائد على السندات الأقصر أجلا أعلى من العائد على نظيراتها الأطول أجلا. وتحظى السعودية بمنحنى عائد طبيعي، سواء مع إصداراتها المقومة بالعملة المحلية أو الصعبة.
وكانت نسبة مشاركة المستثمرين الشرق أوسطيين في الصكوك كانت مماثلة لإصدارات الصكوك السابقة. يأتي ذلك في ظل التعديلات الحديثة لأحد المعاير الشرعية التابعة لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (آيوفي) التي جعلت المستثمرين خلال الفترة الماضية يتحفظون على بعض هياكل الصكوك. والإصدار السعودي حاصل على فتاوى من فقهاء المصارف العاملين في البنوك الدولية يجيزون فيه هيكلة الصكوك المستخدمة.
كانت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني «S&P» قد أشارت في تقرير لها في تموز (يوليو) أن إصدارات إحدى الدول الخليجية قد سجلت انخفاضا بنسبة 50 في المائة، بسبب اعتماد المعيار الشرعي 59 لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (آيوفي)، الذي يغطي بيع الديون وعلى الرغم من أن المصدرين قد وجدوا طرقا للامتثال للمعيار، لا تزال هناك تحديات إضافية، ومن وجهة نظر الوكالة أصبح المستثمرون الآن أكثر عرضة لمخاطر الأصول المتبقية. وتعد “آيوفي” الهيئة المكلفة بوضع معايير للقطاع المالي الإسلامي.
وجاءت باكورة إصدارات السعودية من الصكوك الدولية للمرة الأولى في نيسان (أبريل) 2017 وكانت قيمة الطرح حين ذلك تسعة مليارات دولار. وكان ذلك أبرز دخول أولي لدولة لأسواق الصكوك العالمية بسبب ضخامة الإصدار الذي صاحبه جدل في ذلك الوقت بسبب هيكلة الصكوك “الهجينة” التي كانت جديدة على المستثمر الدولي بسبب الهيكلة المعقدة التي صاحبت الشريحتين.
واستخدمت السعودية في هذا الإصدار هيكلة الصكوك الهجينة التي تتكون من عقدي المرابحة والمضاربة وهي الهيكلة نفسها التي سبق أن تم استخدامها بالإصدار الأول. عالميا، فهذه الهيكلة المعقدة لم يتم تبنيها إلا من المصدرين السعوديين.
وسميت الصكوك «الهجينة» بذلك لأنها تحتوي على مزيج من الدين “هيكل المرابحة” والملكية “هيكل المضاربة”.
يذكر أن المملكة حاصلة على تصنيف (A1) وهذا التصنيف يعد خامس أعلى تصنيف من بين درجات التصنيف التي يصل تعدادها إلى 24 درجة.
وتكمن أهمية التصنيفات الائتمانية في أنها تتيح للمستثمرين مقارنة وتقييم جودة الإقراض لمصدري السندات، إضافة إلى تحديد نطاق الهامش الائتماني لجهة الإصدار.
معلوم أن استراتيجية المملكة قد تمثلت بشكل أساسي باختيار التوقيت المثالي للإصدار في ظرف ساعات محدودة الذي نتج على إثره تجنب دفع علاوة إصدار خلال الوقت الذي تواجه فيه الاقتصادات المتقدمة والناشئة تبعات الجائحة. وبرهنت السعودية وهي تغلق إصدارها الدولاري في الأيام الماضية على ثقة المستثمرين الدوليين بمتانة اقتصادها وقدرة أكبر اقتصادات المنطقة على تجاوز تبعات الجائحة.
وتعني “علاوة طرح إصدار جديد” بين مصرفي أدوات الدخل الثابت أن جهة الإصدار في الأوقات الطبيعية ينتظر منها أن تدفع علاوة إصدار فوق القيمة العادلة ما بين خمس إلى 15 نقطة أساس وفي بعض الحالات يتم الإصدار من دون علاوة أو يتم تسعير الإصدار داخل القيمة العادلة لمنحنى العائد الخاص بجهة الإصدار.
إلا أنه وبعد أزمة كوفيد – 19 المالية، أصبحت جهات الإصدار تدفع علاوة سعرية غير طبيعية وباهظة من أجل الاستدانة بهذه الأوقات العصيبة ولا سيما خلال الأشهر الأولى من بداية الجائحة.
وأسهم الأداء الجيد والمتواصل لأسعار أدوات الدين السعودية المدرجة بالبورصات العالمية والمقترن بوجود نافذة إصدار موائمة في هذه الأوقات بالأسواق العالمية في دفع العاملين بالمركز الوطني لإدارة الدين، بالنيابة عن وزارة المالية، في اتخاذ قرار الإصدار السريع الذي يتم إغلاقه تقليديا في أقل من 20 ساعة.
يذكر أن المركز الوطني لإدارة الدين قد أعلن في بيان له عن الانتهاء من استقبال طلبات المستثمرين للإصدار الدولي الثالث خلال 2021 للصكوك والسندات ضمن برنامجي حكومة المملكة الدولي لإصدار الصكوك وبرنامج سندات حكومة المملكة العربية السعودية الدولي.
وصل المجموع الكلي لطلبات الاكتتاب أكثر من 11 مليار دولار، وتجاوزت نسبة التغطية أكثر من 3.5 أضعاف إجمالي الإصدار، حيث بلغ إجمالي الطرح قيمة 3.25 مليار دولار (ما يعادل 12.19 مليار ريال) مقسمة على شريحتين، الأولى بقيمة ملياري دولار (ما يعادل 7.5 مليار ريال) لصكوك مدتها 9.5 عام تستحق في 2031، فيما بلغت الشريحة الثانية 1.25مليار دولار (ما يعادل 4.69 مليار ريال) لسندات مدتها 30 عاما تستحق في
2051.
وتعد هذه الخطوة ضمن استراتيجية المركز الوطني لإدارة الدين لتوسيع قاعدة المستثمرين لغرض تلبية احتياجات المملكة التمويلية من أسواق الدين العالمية بكفاءة وفاعلية، ويعكس حجم الإقبال من قبل المستثمرين الدوليين على أدوات الدين الحكومية ثقتهم بمتانة الاقتصاد السعودي ومستقبل الفرص الاستثمارية فيه.
واستند رصد “الاقتصادية”، حول تقصي إجمالي إصدارات الدين الخليجية، إلى منصة “بوند إي فاليو” التي تقدم للمستثمرين ميزة الكشف عن عروض البيع والشراء للسندات التي بمحافظهم من أجل التحكم بالقرار الاستثماري الخاص بالورقة المالية.
وكذلك منصة “سي بوندز” للبيانات المالية التي يستعين العاملون بأسواق الدخل الثابت بمنصتها من أجل تتبع حركة مؤشرات أسواق الائتمان العالمية، وأخيرا منصة “فاكتست” للخدمات المالية.
يتم تسعيرمعظم أدوات الدين السيادية عبر الاستعانة بمؤشر قياس وهو عوائد سندات الخزانة الأمريكية أو – وبصورة أقل – بمؤشرات “متوسط عقود المبادلة”، تدخل عوائد تلك السندات مع المنظومة التسعيرية لأدوات الدين السيادية.
فعندما تبدأ عملية بناء الأوامر الخاصة بالإصدار، يلتفت المستثمرون الى عاملين، أولهما هوامش الائتمان spreads الخاصة بجهة الإصدار، وثانيهما معدلات مؤشر القياس وذلك وفقا لأجال الاستحقاق المستهدفة.
وعندما يتم دمج هذه الأرقام – أي “هوامش الائتمان” مع “مؤشر القياس” – يتم الحصول على العائد النهائي المعروف بـyield وذلك عندما يغلق الإصدار. مع العلم أن هوامش الائتمان تمر بثلاث جولات للأسعار الاسترشادية قبل أن يتم تقليص تلك الأرقام مع كل جولة وذلك بحسب حجم إقبال المستثمرين على الإصدار
دائما ما يولي “المركز الوطني لإدارة الدين” أهمية بارزة لمسألة اختيار آجال الاستحقاق المناسبة مع الطروحات الجديدة. ويرجع سبب ذلك من أجل توزيع استحقاقات المديونية “خدمة الدين” وتجنب تمركزها في أعوام محددة.
ويسهم توزيع فترات خدمة الدين، عبر عدد طويل من الأعوام، بطريقة لا تتسبب في إحداث ضغط على خزينة الدولة عندما يحين أجل سداد عدد ضخم من أدوات الدين خلال سنة مالية معينة.
ومعلوم أن من مكتسبات أسواق الدين السعودية في 2019 كان تمكن المركز الوطني لإدارة الدين، بالنيابة عن وزارة المالية، من تمديد آجال استحقاقات الصكوك في السوق المحلية عبر إصدارات جديدة تشمل 12 و15 و30 عاما، وذلك لاستكمال منحنى العائد خالي المخاطر ما يسهم في دعم مختلف الأسواق شاملة أسواق الدين العقارية.
وفي ظل انخفاض أسعار الفائدة في السوق المحلية، أصبح التشبث بالإصدارات الطويلة الأجل جزءا من السياسة الاستثمارية لبعض المستثمرين. حيث تجلى ذلك في عمليات التخصيص الشهرية التي تميل كفتها نحو الاستحقاقات الطويلة الأجل.
وقدم “المركز الوطني لإدارة الدين العام” تلك الآجال الطويلة للمرة الأولى في 2019 بغرض إطالة منحنى العائد الخاص بالإصدارات الحكومية المقومة بالريال وكذلك بغرض تنويع خيارات مستثمري الدخل الثابت في المملكة.
إضافة إلى إصدارات الصكوك السابقة، قامت السعودية بتكرار ما قامت به سابقا مع إصدارات الصكوك وذلك عبر زيادة جاذبية الإقبال الأمريكي وذلك عبر جذب الاستثمارات المؤسسية من الولايات المتحدة بعدما كشفت نشرة الإصدار عن امتثال أوراق المملكة المالية بـ”مرسوم قانون دود-فرانك” Dodd-Frank Act لتنظيم أسواق المال، حيث تنضوي هيكلة الصكوك الهجينة “مضاربة مع مرابحة” ضمن الضوابط المالية التي يشملها قانون «دود- فرانك». أي أن صكوك المملكة في امتثالها بهذا القانون تشابه الأوراق المالية المدعومة بأصول، والمنتشرة في السوق الأمريكية.
معلوم أن السعودية هي أول جهة إصدار في تاريخ أسواق الدين الإسلامية التي امتثلت صكوكها السيادية (منذ 2017) لـ”مرسوم قانون دود فرانك”، وقد تتبع دول عدة السعودية في هذا الامتثال عندما تقرر إصدار صكوك سيادية.
يذكر أن نشرة إصدار الصكوك، التي تم عرضها للمستثمرين في 2017، أشارت إلى امتثال صكوك المملكة للقانون المالي الأمريكي الذي يقضي بشراء جهة الإصدار ما لا يقل عن 5 في المائة من الإصدار.
قانون “دود-فرانك”
صدر هذا القانون من طرف باراك أوباما في 2010 بهدف تجنب أزمة مالية أخرى بعد تلك التي وقعت في 2008. وبعد مجيء الرئيس الجمهوري دونالد ترمب إلى السلطة، سارع إلى إعادة النظر في مجمل الضوابط المالية التي يشملها قانون “دود-فرانك”، حيث وقع على مرسومين لتعديل إصلاحات رئيسة أدخلتها إدارة أوباما على القواعد المالية بسبب الأزمة العالمية. ويحمل قانون “دود-فرانك” اسمي عضوي الكونجرس الأمريكي: كريستوفر دود وبارني فرانكجرد.
Trending
- جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية تنظم ندوة وطنية
- دبي تستضيف “دبي كوميرسيتي” الشهر المقبل
- المملكة العربية السعودية تعتزم ضخ استثمارات بأكثر من 500 مليار دولار في قطاع السياحة
- الإمارات الأولى عالمياً من حيث نصيب الفرد من الطاقة الكهربائية النظيفة
- تريليون دولار تتسبب في فشل مؤتمر المناخ العالمي COP29
- ترامب يعلن تعيين “ماثيو ويتيكر” سفيراً لحلف الناتو
- منظمة الصحة العالمية تصدر ترخيصاً لاستخدام اول لقاح لعلاج جدري القردة
- زلزال بقوة 5.1 ريختر يضرب شمال اليابان
- وحدات الدفاع الجوي الأوكراني تصد هجوم روسي
- كيف استولى “أباطرة النفط” على أجندة ترامب في مجال الطاقة…خطة الجمهوريين لـ”هيمنة” امريكا على الطاقة