القاهرة – خلود النجار:
لا شك أن التمويل هو أحد المحاور الرئيسية في مؤتمر المناخ COP29، حيث هناك حاجة إلى تريليونات الدولارات لتمكين البلدان من خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بشكل جذري وحماية الأرواح وسبل العيش من التأثيرات المتفاقمة لتغير المناخ.
وكما هو معهود، لم تسفر محادثات المناخ حتى الآن سوى عن العديد والعديد من التصريحات والوعود، وتبقى الأقوال أسهل من الأفعال.لكن لا تزال الدول التي حضرت المؤتمر والتي يبلغ عددها ما يقرب من 200 دولة بعيدة كل البعد عن التوصل إلى اتفاق بشأن المبلغ الذي ترغب في إنفاقه سنوياً لمكافحة التغيرات المناخية.
وتحتاج الدول المشاركة بالمؤتمر، التوصل إلى اتفاق خلال الأسبوع المقبل على حجم التمويل التي يمكنها تقديمه كل عام، ولكن حتى اليوم الذي يمثل منتصف محادثات المناخ العالمية وحتى الآن لم يتم التأكد من مساهمات الدول المشاركة لتحقيق الهدف المنشود وهو 2 تريليون دولار سنويًا.
وتقول صحيفة “فاينانشيال تايمز” إنها في الأساس معركة سياسية بين الدول الغنية والفقيرة، فالدول الغنية التي اعتمدت لفترة طويلة على مصادر الطاقة الملوثة لديها المال للتوقف عن استخدامها واستبدالها بمصادر الطاقة النظيفة، أما الدول الفقيرة لا تملك ذلك.
ولكن إذا استمرت الدول الفقيرة في الاستثمار في النفط والغاز والفحم، بدلاً من البدائل الأكثر نظافة، فإن الانبعاثات العالمية ستستمر في الارتفاع – مما يضر بالجميع، لذا يهدف المؤتمر إلى توفير الأموال اللازمة لدعم الدول النامية لمواجهة مخاطر الاحتباس الحراري.
وأوضحت الصحيفة أن تعقيدات الحرب والميزانيات الضيقة والاضطرابات الناجمة عن الانتخابات الرئاسية الأمريكية، هيأت الأجواء لمواجهة فوضوية في مؤتمر المناخ التاسع والعشرين، ولم يحرز المفاوضون سوى القليل من التقدم خلال الأسبوع الأول من القمة.
ما حجم التمويل المطلوب؟
وما يدل على توتر محادثات التمويل، هو أنه حتى الآن لا أحد يستطيع الاتفاق على إجابة واحدة بشأن حجم المساهمات المالية، ما ينذر بفشل جهود المؤتمر هذا العام.
وتهدف الدول الغنية مثل الولايات المتحدة الأمريكية والعديد من الدول الأوروبية إلى تقليص حجم التمويل وعدم وصوله إلى ما هو أعلى بكثير من مستواه الحالي الذي يُقدر بـ 100 مليار دولار سنويًا.
إذا كان هذا هو الحد الأدنى، فإن الحد الأقصى أعلى بكثير، فمن المفترض أن تساهم كتلة من 134 دولة نامية في تحقيق الهدف السنوي الذي يجب أن يبدأ في عام 2026 بما يعادل 1.3 تريليون دولار على الأقل.
ويقول أحدث تقرير صادر عن مجموعة خبراء مدعومة من الأمم المتحدة إن هدف 100 مليار دولار للتدفقات المتعلقة بالتمويل العام يحتاج إلى مضاعفة ثلاثة أضعاف بحلول عام 2030، ويجب أن يصل إجمالي حجم التمويل، بما في ذلك رأس المال الخاص، إلى تريليون دولار لمساعدة البلدان النامية (باستثناء الصين) على تلبية احتياجاتها المتزايدة من الطاقة بمصادر طاقة أنظف.
ورفضت الدول الغنية حتى الآن تقديم رقم بالدولار، قائلة فقط إنه يجب أن يكون أكثر من الهدف الحالي البالغ 100 مليار دولار، وهذا أقل من 10٪ مما تطلبه البلدان الأكثر فقراً.
ويشير الأوروبيون على وجه الخصوص إلى ضبابية الحسابات العامة والتي تقف عائقاً أمام ما يمكنهم التوقيع عليه في باكو، فإذا توقفت الولايات المتحدة الأمريكية عن توفير أموال المناخ في عهد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، سيصبح حينها الاتحاد الأوروبي أكبر مانح ثري متبقي.
تأتي هذه التكهنات بعد تصريحات ترامب حول اتفاقية باريس، التي تقود هذه المحادثات، ووصفها بأنها عملية احتيال، ورفضه هو وصديقه رجل الأعمال إيلون ماسك المشاركه في أى نشاطات تتعلق بالمناخ.
من يدفع؟
هذه نقطة خلاف أخرى، إذ تريد الولايات المتحدة والدول الغنية الأخرى أن تساهم مجموعة المانحين في تحقيق أهداف المؤتمر المالية، وقد انضمت الصين إلى فئة الدول المانحة، كونها تُعد حاليًا أكبر مصدر لتلوث المناخ في العالم، تليها الولايات المتحدة، وكان اقتصادها ينمو بسرعة فائقة – حتى وقت قريب حسب “فاينانشيال تايمز”.
وتقول الصين إنها تساعد بالفعل الدول النامية بطرق مختلفة، وخلال هذا الأسبوع بلغ إجمالي المساعدات الصينية حوالي 25 مليار دولار (177 مليار يوان) والذي بدأ منذ عام 2016.
وهي على استعداد لمواصلة هذا السخاء – جزئيًا لأن تعزيز اقتصادات تلك الدول قد يدفعها إلى شراء الألواح الشمسية والمركبات الكهربائية المصنوعة في الصين.