أعلنت كوريا الجنوبية، الأربعاء، عن أول إصابة مؤكدة بفيروس جدري القرود وتعهدت بتعزيز أنظمة المراقبة ورفعت التأهب إلى “حالة الحذر”.
وقالت الوكالة الكورية لمكافحة الأمراض والوقاية منها إن نتائج التحاليل والفحوص الطبية أكدت إصابة مواطن كوري يتلقى العلاج في مركز إنتشون الطبي بعد ظهور الأعراض عليه لدى دخوله البلاد قادما من ألمانيا عصر الثلاثاء. ولم تذكر الوكالة تفاصيل عن المصاب.
ورفعت الوكالة مستوى التأهب للمرض المعدي إلى “الحذر”، وهو الثاني بين أربعة مستويات في البلاد، بعد تأكيد الإصابة.
وقالت إنها ستكثف المراقبة من خلال تحديد المناطق التي تتطلب تعزيز إجراءات الحجر الصحي، وخاصة بين القادمين من بلدان تتكرر فيها إصابات جدري القرود.
وقال بيك كيونج ران مفوض الوكالة “تسعى الوكالة الكورية لمكافحة الأمراض والوقاية منها إلى استخدام اللقاحات ووسائل العلاج المضمونة (لجدري القرود).. واستقدام المزيد منها، في الوقت الذي تواصل فيه العمل على زيادة قدراتها فيما يتعلق بوسائل التشخيص”.
وجدري القرود هو مرض حيواني المنشأ يوجد مخزونه بين القوارض الصغيرة في بلدان أفريقيا الوسطى والغربية، وينتقل منها إلى البشر عبر السوائل اللعابية ليبدأ سلاسل سريان كانت حتى الآن محدودة النطاق؛ إذ إن العدوى تقتضي تواصلاً وثيقاً كالذي يحصل خلال العلاقات الجنسية.
كما يلفت الخبراء إلى أن الظاهرة الجديدة في الانتشار الراهن للفيروس هو سريانه المطرد بين الذكور الذين يقيمون علاقات مثلية، والذين يشكلون 98 في المائة من مجموع الإصابات المؤكدة حتى الآن.
ورغم ذلك، لا تعتبر منظمة الصحة العالمية أن هذا المرض يسري عبر العلاقات الجنسية، علماً بأن بعض البحوث الأخيرة بدأت تنطلق من هذه الفرضية حيث أظهرت دراسة أجريت أخيراً في إيطاليا وجود هذا الفيروس في السائل المنوي عند المصابين الأربعة الأوائل.
ويقول كارلوس مالوكير، أستاذ العلوم الفيروسية الجزيئية في جامعة “ساري” البريطانية، وأحد أبرز الخبراء العالميين في الجدري، إن نتائج الدراسات التي أجريت حتى الآن توحي بأننا أمام قنوات جديدة لسريان هذا الفيروس لم تكن معروفة من قبل، وإن السيطرة على هذا الانتشار الجديد لن تكون سهلة.
ويضيف: “أصبح الفيروس منتشراً في بلدان عدة، وسريانه يتنامى فيما لا تزال وسائل الرصد والتعقب محدودة جداً. والمصابون الذين يلجأون إلى المراكز الصحية للعلاج يشكلون نسبة ضئيلة من المرضى، ما يزيد من احتمالات الانتشار في المرحلة المقبلة”.
ويقول خبراء منظمة الصحة الذين يتابعون تطور هذا الوباء إن الجانب الإيجابي في المعلومات المتوفرة حتى الآن هو أن عدد الإصابات خارج دائرة الممارسات الخطرة ما زال ضئيلاً جداً، ما يعني أن الفيروس لم يتكيف مع أنماط انتشار جديدة. لكنهم حذروا من أنه كلما طالت فترة انتشاره، توفرت له الظروف للتكيف والسريان بسرعة وعلى نطاق أوسع.
وتجدر الإشارة إلى أن فيروس جدري القرود هو من نوع DNA الذي يملك قدرة أقل على التحور مقارنة بفيروسات RNA التي منها الفيروسات التاجية. وكانت الدراسات الوراثية التي قارنت بين الفيروس الحالي وذلك الذي ظهر في المملكة المتحدة عام 2018 على ثلاث حالات وافدة من نيجيريا، قد بينت عدداً من التحورات أكثر مما كان متوقعاً.
ويقول الباحثون إنها تحورات طفيفة لا تكفي لزيادة خطورة الفيروس، لكن ليس معروفاً بعد إذا كانت تساعد على سرعة سريانه.