dhl
dhl

عدنان كريمة يكتب: اقتصاد الأردن والموازنة «الطارئة»

حصل الأردن من صندوق النقد الدولي على قرض قيمته 1.2 مليار دولار، ويمتد إلى أربع سنوات، بدءاً من الدفعة الأولى البالغة 190 مليون دولار. وعلى الرغم من تأكيد الصندوق بأن الأردن «يسير بثبات على المسار الصحيح في تطبيق الأهداف الرئيسة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، من خلال سياسات نقدية ومالية حصيفة»، إلا أنه رهَنَ توزيعَ دفعات المبلغ المتبقي من القرض بنتائج تقييم مراحل التنفيذ وإجراء المراجعة. ووفق تقديرات وزارة التخطيط والتعاون الدولي الأردنية، فقد بلغ معدل نمو الاقتصاد الوطني 2.6% في العام الماضي، ويتوقع أن يتباطأ قليلاً في العام الحالي إلى 2.5%. وقد انتقد الصندوق هذه النسبة ووصفها بأنها غير كافية لتحسين مستويات المعيشة في بلد عدد سكانه 11 مليون نسمة ويشهد نمواً سكانياً يصل 2% سنوياً. حتى إن البنك الدولي أكد بدوره أن معدل النمو الأردني ليس كافياً لخلق ما يكفي من الوظائف. ومع الأخذ بالاعتبار تعافي العمالة بشكل متواضع، فإن ظروف العمل تظل أكبر تهديد لرفاهية الأسر الأردنية، في ظل ارتفاع معدل البطالة الذي سجل في الربع الثالث من العام الماضي 22.3%، حيث وصل معدل الفقر أيضاً إلى 26.7%.لذا خصصت الحكومة في موازنة العام الحالي 2349 مليون دينار أردني لشبكة الأمان الاجتماعي بزيادة 6% عن العام الماضي. وهي تستهدف الحد من الفقر والبطالة، بزيادة معدلات الاستثمار ودعم المشاريع الإنتاجية. وقد سجلت خطوةً متقدمة بتأسيس أول وأكبر صندوق استثماري للقطاع الخاص من نوعه في البلاد، بمشاركة 16 مصرفاً، وذلك تحت أسم «صندوق رأس المال والاستثمار الأردني»، وهو صندوق يهدف إلى توفير بيئة استثمارية مستقطبة ومشجعة للمستثمرين، وتوليد فرص عمل جديدة. وعلى الرغم من أن الأردن يقع في منطقة «عالية المخاطر»، وقد تحمّل الكثير من المفاجآت السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية في محيطه، فإنه يراهن دائماً على «استثمار» استقرار إقليمي، ويتطلع إلى استثمار الثقة به كوجهة «آمنة ومستقرة» لإقامة الاستثمارات، خصوصاً أن الحكومة تركز على خطط لتنفيذ سلسلة مشاريع كبيرة باستثمار مشترك بين القطاعين العام والخاص. وقد عكف الأردن مؤخراً على هندسة «منظومة استثمارية» من شأنها أن تجعله إحدى أكثر بيئات الأعمال والاستثمار جاذبية في منطقة الشرق الأوسط.. لكن هذه الجهود اصطدمت بظروف إقليمية جديدة، حيث بدأ الأردنيون مبكراً في دفع فاتورة حرب غزة، وذلك في عدد من القطاعات الاقتصادية، مثل قطاع السياحة الذي شهد إلغاء نحو 50% من الحجوزات فيه، ومما يؤثر مباشرةً على خزينة الدولة، إذ يشكل هذا القطاع نحو 15% من الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يعادل 4.8 مليار دينار. وتشمل تداعيات الحرب مدخلات عمليتي الاستثمار والإنتاج بسبب ارتفاع التكاليف، وهو ما ينعكس على خطوط الإنتاج والصادرات والواردات، إلى جانب تكاليف الشحن والتأمين عبر ميناء العقبة على البحر الأحمر، المنفذ الوحيد للأردن، الأمر الذي أدى إلى بيئة استثمارية مختلفة. وبما أن الحرب أحدثت جواً من عدم الاستقرار الذي لا يتحقق الاستثمار والنمو الاقتصادي بدونه، فقد أدى ذلك في بعض الحالات إلى انخفاض المشاريع الجديدة، أو تجميد التوسع في بعض المشاريع القائمة. ومن الطبيعي أن تؤثر هذه التطورات على موازنة الدولة للعام الحالي، لجهة خفض الإيرادات البالغة نحو 9.58 مليار دينار (الدينار يساوي 1.41 دولار)، وارتفاع النفقات المقدرة بـ10.64 مليار دينار، وبالتالي ارتفاع العجز البالغ 1.16 مليار دينار إلى مستويات جديدة تتطلب اللجوء إلى الاقتراض. حتى إن بعض الخبراء توقعوا إصدار «موازنة طارئة»، لمواجهة تداعيات الحرب وتلبية الحاجات الأساسية للأردنيين، مع العلم بالدور الذي تلعبه المنح والمساعدات الخليجية والدولية بالنسبة للأردن، والتي بلغت العام الماضي أكثر من 4 مليارات دولار.

airfrance
مرسيدس
Leave A Reply

Your email address will not be published.