وقعت شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة اتفاقية للمشاركة في مشروع للطاقة النووية من الجيل التالي مع تيرا باور، وهي شركة بدأها بيل جيتس.
وجاء توقيع الاتفاقية بمشاركة الوكالة اليابانية للطاقة الذرية، حيث ذكرت شركة ميتسوبيشي (Mitsubishi Heavy Industries ) إن مذكرة التفاهم الموقعة تسعى إلى التعاون في تطوير التقنيات النووية المتقدمة.
ويسعى الجيل الجديد من مشاريع الطاقة النووية لتسريع العمل في بناء المحطات النووية والتي تستغرق وقتا طويلا لبنائها، كما يعمل على زيادة معدلات الأمان بتشغيل تلك المحطات.
مشروع إيضاحي
وبموجب تلك الاتفاقية سيتم استخدام مشروع إيضاحي لتأسيس مفاعل نووي غير تقليدي مبرد بالصوديوم يقع في منطقة كيميرر، بالمرتفعات الصحراوية الغربية لولاية وايومنج في الولايات المتحدة الأمريكية، فيما سيعمل هذا المشروع على توظيف عمال من محطة توليد كهرباء محلية تعمل بالفحم والمقرر إغلاقها قريبا.
ومن المتوقع بدء تشغيل المصنع بعد نحو 6 سنوات، أي في عام 2028 وفقًا للتخطيط الحالي.
استغلال الخبرات في اليابان
وعن سبب مشاركتها في هذا المشروع قالت ميتسوبيشي، أحد أكبر التكتلات الصناعية في اليابان، إنها ستستكشف طرقًا لتقديم الدعم الفني وتطوير المفاعل، وأضافت في بيان: “ستعيد ميتسوبيشي أيضًا الخبرة والمعرفة التي تم الحصول عليها من خلال هذه الشراكة للمساهمة في تقدم الابتكار النووي في اليابان”.
وقالت ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة إن الاتفاقية مع TerraPower ستسهل الجهود المشتركة والأوسع نطاقًا لتطوير تكنولوجيا المفاعل السريع.
وتسعى شركة تيرا باور (TerraPower) لجعل مصنعها مفيدًا لشبكة الطاقة الحالية بالولايات المتحدة في إطار دعم الطاقة المتجددة.
وترى أن التقنية العاملة في مفاعلاتها للطاقة النووية ستزود المناطق العاملة بها بالطاقة الكهربائية عند الطلب، وتعويض الانخفاضات في الكهرباء عندما لا تهب الرياح والشمس لا تشرق.
طريق مسدود
وواجهت الصناعة النووية الأمريكية طريقا مسدودا، رغم أنها وفرت 20% من طاقة الولايات المتحدة لعقد من الزمن وسط عملية مكلفة وتستغرق وقتًا طويلاً لبناء محطات نووية تقليدية ضخمة.
قطاع الطاقة الذرية في اليابان لم يكن أحسن حالا فهو الآخر في أزمة منذ الانهيارات في مصنع فوكوشيما داي-إيتشي على الساحل الشمالي الشرقي بعد الزلزال الهائل والتسونامي الذي ضرب المنطقة في مارس/آذار 2011، ورغم ذلك فإن الحكومة اليابانية ما زالت تعتبر الطاقة النووية ضرورية لتحقيق صافي انبعاثات كربونية صفرية لمواجهة تغير المناخ.
نهج ليس جديدا
ويعتبر النهج الذي تسعى تيرا لتطبيقه ليس جديدا كليا حيث كان لدى روسيا مفاعل مبرد بالصوديوم تجاري قيد الاستخدام بكامل طاقته منذ عام 2016، وقد تم اختبار تصميمات مشابهة له في أماكن أخرى في الولايات المتحدة.
وعملت جنرال إلكتريك هيتاشي للطاقة النووية، وهي تحالف بين جنرال إلكتريك وشركة هيتاشي اليابانية، مع شركة TerraPower لتطوير مفاعل الصوديوم السريع ونظام تخزين طاقة الملح المصهور.
بدأ جيتس، المؤسس الشريك الشهير لمايكروسوفت، شركة TerraPower والتي مقرها واشنطن في عام 2008 وهو رئيس مجلس إدارتها.
طاقة لا تنضب
والطاقة النووية هي الطاقة التي يتم توليدها عن طريق التحكم في تفاعلات انشطار أو اندماج الذرة. وتستغل هذه الطاقة في محطات توليد الكهرباء النووية، حيث يسخن الماء لإنتاج بخار الماء الذي يستخدم بعد ذلك لتحريك زعنفات لإنتاج الكهرباء.
وينظر العلماء إلى الطاقة النووية كمصدر حقيقي لا ينضب للطاقة. ولكن هناك معوقات حول مستقبل الطاقة النووية في ظل التكاليف العالية لبناء المفاعلات، ومخاوف العامة المتعلقة بالسلامة، وصعوبة التخلص الآمن من المخلفات عالية الإشعاع.
في حين يرى فريق آخر أنه بالنسبة إلى التكلفة فهي عالية نسبيا من حيث بناء المفاعل، ولكن تلك التكاليف تعوض بمرور الوقت حيث إن الوقود النووي رخيص نسبيا، في حين تقدمت الصناعات النووية كثيراً بحيث إن لديها الاستعدادات لحل مسائل سلامة تشغيل المفاعلات والتخلص السليم من النفايات المشعة الضارة.
ولمعرفة مدى أهمية الطاقة النووية في توليد الكهرباء فإنه في الوقت الحالي تعمل محطات الطاقة النووية لتوليد الكهرباء في أكثر من 31 دولة؛ معظمها في أوروبا، أمريكا الشمالية، شرق آسيا وجنوبها.
وتُعتبر الولايات المتحدة أكبر منتج للطاقة النووية؛ في حين تتوفر فرنسا على أكبر حصة من الكهرباء المولدة من الطاقة النووية.
وكشفت وكالة الإحصاء التابعة للاتحاد الأوروبي “يوروستات” في وقت سابق من هذا الشهر أن الطاقة النووية في أوروبا ولّدت ما يقرب من ربع الكهرباء في عام 2020، بما يعادل 684 تيراواط/ساعة.
وأنتجت الدول النووية الرائدة في الاتحاد -مثل فرنسا وألمانيا وإسبانيا والسويد- أكثر من 75% من هذا الرقم.
ففي فرنسا، قامت المفاعلات النووية بتوليد 67% من احتياجاتها من الكهرباء عام 2020. كما وفرت المحطات النووية 54% من الكهرباء المستخدمة في سلوفاكيا خلال نفس العام.
العودة للأضواء
وبرزت الطاقة النووية أكثر في دائرة الضوء مؤخرًا، مع مكافحة العالم -خاصة أوروبا وآسيا- لإيجاد حلول لأزمة الطاقة الحالية، بعد أن اتجهت بعض الدول لإغلاق محطات الطاقة النووية، وسط مخاوف تتعلق بالسلامة.
ومع ارتفاع أسعار الغاز والفحم والكهرباء نتيجة انتعاش الطلب وتراجع المعروض، عانت العديد من البلدان نقصًا في توليد الكهرباء من طاقة الرياح والطاقة المائية بسبب الظروف الجوية؛ ما أظهر الحاجة إلى مصادر ثابتة ومنخفضة الانبعاثات في الوقت نفسه، وهو الدور الذي يمكن أن تؤديه الطاقة النووية.