لحسن الحظ، قد لا يصاب بعض الأشخاص بكوفيد رغم العيش تحت السقف نفسه ومشاركة غرفة المنزل ذاتها مع أشخاص مصابين بالفيروس.
وكشفت العديد من البيانات عن نجاة الكثير من الأطفال من التقاط عدوى الفيروس التاجي من آبائهم الحاملين للعدوى، رغم مشاركة الغرف والأدوات المنزلية.
كذلك، ظل العديد من الآباء والأمهات بمنأى عن التقاط عدوى كوفيد 19 مع اضطرارهم لرعاية أطفالهم المصابين بالعدوى.
من المعروف أن فيروس كورونا المستجد، ينتشر بشكل أساسي من خلال الجزيئات المحمولة جواً، لذلك يتساءل الكثيرون عن كيف يمكن للأشخاص الذين يتقاسمون الهواء نفسه مع حاملي العدوى أن يظلوا غير مصابين؟
تأتي الإجابة من دراسة حديثة أجراها أساتذة وباحثون في كلية لندن الإمبراطورية، وهي أن تعرض الأشخاص في الماضي لفيروسات كورونا الأخرى، سمح لهم بإنتاج خلايا الذاكرة المناعية، والتي تسمى “الخلايا التائية”، وهي توفر الحماية ضد فيروس كورونا “سارس-كوف -2″، وفقاً لموقع “فان بيدج” الإيطالي.
وفي هذه الأيام، إذا اعتبرنا أن جزءاً من السكان يحافظ على مستوى معين من المناعة بعد التطعيم أو إصابة سابقة، فإن هذه الحالات السلبية تجد تفسيراً سريعاً لعدم إصابة بعض الأشخاص بالفيروس التاجي على الرغم من مخالطتهم للإيجابيين، لأنهم محميون بالدرع المناعية المكتسبة ضد سارس -كوف- 2.
لكن البحث الذي أجري خلال الموجة الثانية بتنسيق من قبل باحثي كلية لندن الإمبراطورية، قبل توفر اللقاحات، سلط الضوء على ظاهرة أخرى تثير التساؤل حول ما يسمى المناعة التبادلية.
والمناعة التبادلية هي احتمال أن الأشخاص الذين لم يتعرضوا مطلقاً للفيروس التاجي، لا يزالون محميين بفضل مناعة عدوى ناجمة عن عامل فيروسي مشابه لـSars-Cov-2، والذي على سبيل المثال يمكن أن يكون أحد فيروسات كورونا المسؤولة عن نزلات البرد الموسمية الشائعة، مثل HCoV-OC43 وHCoV-HKU1.
في هذه الدراسة التي نشرت في المجلة العلمية Nature Communications، قيم العلماء 52 مخالطاً في عائلات مع فرد واحد على الأقل إيجابي لـ Sars-Cov-2.
وكان الهدف هو “التقاط” اللحظة الأولى التي طور فيها هؤلاء الأشخاص استجابة مناعية لفيروس سارس-كوف -2، وذلك من خلال تحليل الباحثين دماءهم وخلاياهم المناعية بين اليوم الأول والسادس.
وأظهر تحليل عينات الدم، أنه مقارنة بالإيجابيين، كان لدى الأشخاص الذين ظلوا سلبيين عدد أكبر من الخلايا التائية، وهي نوع من الخلايا الليمفاوية، قادرة على تذكر العامل الممرض الذي تمت مواجهته بالفعل، إضافة للتعرف على المزيد من السلالات من العامل الممرض نفسه، ربما بسبب نزلة برد سابقة أو ربما عدوى سارس-كوف -2 التي ظلت بدون أعراض في الموجة الأولى من كوفيد.
لذلك، يكون السبب في بقاء هؤلاء الأشخاص سلبيين رغم تعرضهم للعدوى، هو كون خلايا الذاكرة التائية (التي لا تهاجم الفيروس مباشرة أو تقتل الخلايا المصابة) تنتج بسرعة جزيئات قادرة على تحفيز نشاط أنواع أخرى من خلايا الدم البيضاء القادرة على مكافحة العدوى قبل أن يتم اكتشافها من خلال المسحات.
وفي النهاية يمكن تلخيص الأمر في كلمات بسيطة، وهي أن خلايا الذاكرة التائية التي تم إنشاؤها عن طريق التعرض للفيروسات السابقة، قد تكون السبب في أن بعض الأشخاص يبقون بمنأى عن عدوى كوفيد رغم معايشة شخص مصاب بالفيروس التاجي.