تصعيد عسكري متبادل يقابله جهود دبلوماسية لاحتواء الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، قبيل تفاقم الأمور لمواجهة محتملة.
وأعلنت أوكرانيا، الخميس، بدء مناورات عسكرية، ردا على تدريبات تجريها روسيا على أراضي بيلاروسيا المجاورة، التي يعتبرها الغرب تصعيدا عسكريا روسيا بالمنطقة.
وقال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف، في بيان، إن “حشد القوات عند الحدود يمثّل وسيلة ضغط نفسي من قبل جيراننا.. لدينا اليوم ما يكفي من القوات للدفاع بشرف عن بلدنا”.
وأضاف أوليكسي ريزنيكوف، هذا الأسبوع، أن المناورات الأوكرانية، المُعلن عنها مسبقا، ستستمر أيضا من 10 إلى 20 فبراير/شباط.
ولفت إلى أن “القوات المسلحة ستتدرب على استخدام طائرات مُسيرة من طراز بيرقدار وصواريخ من طراز (جافلين) و(إن.إل.إيه.دبليو) المضادة للدبابات المقدمة من شركاء أجانب”.
ولم تذكر أوكرانيا عدد القوات أو المعدات المشاركة في مناوراتها.
المناورات الروسية
وتدشن روسيا المرحلة العملية من تدريباتها واسعة النطاق في بيلاروسيا، الخميس، في استعراض للقوة يظهر كيف أن إحكام روسيا لقبضتها على مينسك أعطاها قدرات كبيرة في مواجهتها مع الغرب بسبب أوكرانيا.
وتستمر مناورات “عزيمة الحلفاء” المشتركة الروسية، والتي وصفها حلف شمال الأطلسي بأنها أكبر حشد عسكري في روسيا البيضاء منذ الحرب الباردة، حتى يوم 20 فبراير شباط وينظر إليها باعتبارها تأتي في إطار الحشد العسكري الروسي قرب أوكرانيا الذي أثار مخاوف بشأن احتمال غزوها.
تنديد أوكراني غربي
وندد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الخميس، بالمناورات العسكرية المشتركة بين روسيا وبيلاروس قرب حدود بلاده، معتبرا أنها وسيلة “ضغط نفسي”.
وقال البيت الأبيض، الأربعاء، إن المناورات الروسية في روسيا البيضاء تمثل “تصعيدا”.
بدوره، اعتبر وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، أن “المناورات العسكرية المشتركة التي انطلقت الخميس بين روسيا وبيلاروس تعد مؤشرا على “عنف بالغ” قرب حدود أوكرانيا في وقت تبذل فيه قوى غربية جهودا دبلوماسية مكثّفة لخفض التصعيد.
وقال لودريان عبر إذاعة “فرانس إنتر” الفرنسية العامة “إنها ضخمة للغاية. هناك تزامن تدريبات كبيرة للغاية، خصوصا عند حدود أوكرانيا”، مضيفا “كل ذلك يدعونا إلى الاعتقاد بأنها خطوة تنطوي على عنف بالغ، وهو أمر يقلقنا”.
وطالبت رئيسة وزراء إستونيا كايا كالاس الغرب بالتكاتف والمثابرة في ظل الجهود الدبلوماسية القوية لمنع اندلاع حرب في شرق أوروبا.
وقالت لوكالة الأنباء الألمانية، قبل زيارتها لألمانيا: “اتحادنا في أوروبا ذو أهمية كبيرة في الوقت الحالي. علينا أن نتحلى بالصبر الاستراتيجي”.
وقالت كالاس ” دبلوماسيتنا سوف تكون أمامها فرصة في حال تم تعزيزها بالردع الموثوق به ووضع القوة”.
ومن المتوقع أن تصل كالاس برلين اليوم، مع رئيس وزراء لاتفيا أرتورز كريجانيس كارينش ورئيس ليتوانيا جيتاناس ناوسيدا. ومن المقرر أن تتركز مباحثاتهم مع المستشار الألماني أولاف شولتز على أزمة أوكرانيا والوضع الأمني في أوروبا الشرقية.
وأضافت كالاس: “علينا أن نأخذ في الاعتبار أن حلف شمال الأطلسي (الناتو) الاتحاد الأوروبي لم يتسببا في هذه الأزمة”. وأوضحت أن الناتو لا يعتزم مهاجمة أي كيان، مشيرة إلى أنه تحالف دفاعي، مضيفة “لذلك روسيا هي من يتعين عليها وقف التصعيد”.
روسيا تقلل من التهديدات
وردا على التهديدات، أكد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، الخميس، أن “إنذارات الغرب وتهديداته لروسيا بشأن الأزمة الأوكرانية لا تؤدي إلى أي نتيجة”.
وقال في مستهل لقاء مع وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس، في موسكو إن “الإنذارات والتهديدات لا تؤدي إلى أي نتيجة.. لدى الكثير من زملائنا الغربيين شغف بهذا الأسلوب” في التعامل.
وكانت روسيا قد حشدت عشرات الآلاف من الجنود على الحدود الأوكرانية، ما أثار المخاوف من أن موسكو تخطط لغزو أوكرانيا. وعلى الرغم من أن الكرملين نفى هذه النية، إلا أن قادة الغرب يجرون مباحثات لمحاولة منع اندلاع صراع.
جهود دبلوماسية
ويعتزم المستشار الألماني أولاف شولتز، الخميس، اللقاء بقادة دول البلطيق الثلاث من أجل التشاور معهم بشأن الأزمة الأوكرانية.
ويستقبل المستشار الألماني، مساء الخميس، الرئيس الليتواني جيتاناس نوسيدا، ورئيسة حكومة إستونيا كايا كالاس، ورئيس حكومة لاتفيا، كريشانيس كاريتش، في ديوان المستشارية بالعاصمة الألمانية برلين.
وإلى جانب قمة دول البلطيق في برلين، تشهد العاصمة الألمانية اجتماعا آخر مهما يتعلق بالأزمة الأوكرانية أيضا، حيث من المقرر أن يجتمع طرفا النزاع وهما روسيا وأوكرانيا للمرة الثانية منذ بدء زحف القوات إلى الحدود الأوكرانية.
وسوف يجتمع مستشارو السياسة الخارجية لرئيسي الدولتين مع زملائهما من ألمانيا وفرنسا اللتين تقومان بدور الوساطة لحل النزاع.
فيما يعتزم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الخميس، تحذير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من غزو أوكرانيا مستغلا زيارته لمقر حلف شمال الأطلسي لإلقاء الضوء على ما يصفه بالتضامن الأوروبي ضد الأعمال العدائية الروسية.
ويسعى جونسون، المنخرط في خلاف داخلي بشأن إقامة حفلات وقت الإغلاق في مقر رئاسة الوزراء، إلى تجنيب أوروبا ما قد يكون أسوأ أزمة أمنية تشهدها القارة منذ الحرب الباردة على الأقل.
وقال جونسون، وهو أحد الزعماء الذين قادوا حملة استفتاء عام 2016 لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي: “التزام بريطانيا بأمن أوروبا ما زال لا يتزعزع”.
وأضاف: “يتعين علينا كحلف أن نرسم خطوطا على الثلج، وأن نكون واضحين بشأن وجود مبادئ لا يمكن تقديم تنازلات بشأنها.. منها أمن كل عضو في حلف شمال الأطلسي وحق كل ديمقراطية أوروبية في أن تطمح للانضمام للحلف”.
وبينما يزور جونسون مقر الحلف ثم بولندا، تقوم وزيرة الخارجية ليز تراس بزيارة جامعة موسكو، وإجراء محادثات مع نظيرها الروسي سيرجي لافروف.
وتقود بريطانيا جهودا دولية لحل الأزمة على الرغم من أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أجرى محادثات استمرت ساعات مع بوتين في الكرملين يوم الإثنين.
ويطالب بوتين، الذي يقول إن قلق موسكو بشأن توسعة حلف شمال الأطلسي يتم تجاهله منذ ثلاثة عقود، بضمانات أمنية بعدم نشر صواريخ قرب حدود بلاده ووقف توسع الحلف العسكري.
وحذر بوتين ماكرون في إفادة صحفية بالكرملين هذا الأسبوع من أنه إذا انضمت أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي فإن حربا قد تنشب بين روسيا والحلف.