اضطرت وكالة الطاقة الدولية اليوم الثلاثاء إلى تعديل توقعاتها لحجم الطلب على النفط عالميا، بعد تطورات جيوسياسية تؤثر في إمدادات النفط.
وتسببت جائحة فيروس كورونا ومتحوراته المتعددة في اضطرابات في أسواق النفط على مدار العامين الماضيين، لتأتي أزمة الغزو الروسي المحتمل لأوكرانيا لتقطع آخر خيوط الاستقرار في سوق النفط، كونها لا تقل قوة عن تداعيات تفشي كورونا عالميا.
ويشير تعديل بالرفع من جانب وكالة الطاقة الدولية للطلب التاريخي على النفط في تقريرها الشهري إلى شح في السوق العالمية أكبر مما توقعته الوكالة سابقا.
وقالت الوكالة الدولية لرويترز: “نعتقد أن التوازن الأكثر إحكامًا لعامي 2021 و 2022 منعكس بالفعل على سعر النفط والمنحنى المستقبلي”.
وصعدت أسعار النفط صوب 100 دولار للبرميل في عام 2022 مع تعافي الطلب على الوقود من الانهيار الناجم عن الجائحة، في موجة صعود أدت إلى ارتفاع تكاليف الطاقة في جميع أنحاء العالم، مما أجبر بعض الشركات على خفض الإنتاج وضغط على السيولة لدى المستهلكين.
وعدلت وكالة الطاقة الدولية يوم الجمعة بالرفع تقديرها الأساسي للطلب العالمي بنحو 800 ألف برميل يوميا، أي أقل بقليل من 1% من سوق النفط العالمية البالغة 100 مليون برميل يوميا، بعد إعادة تقييم الطلب على البتروكيماويات في الصين والمملكة العربية السعودية حتى 2007.
واستهلك البلدان المزيد من النفط الخفيف، المعروف بسوائل الغاز الطبيعي، الذي يتم إنتاجه مع الغاز.
اختلافات تاريخية
وقالت وكالة الطاقة الدولية إن التعديل ساعد في تفسير الاختلافات التاريخية بين التغييرات المرصودة والتغييرات المقدرة في المخزون.
ولم تغير وكالة الطاقة الدولية، التي تتخذ من باريس مقرا لها، توقعاتها حيال وتيرة التعافي الاقتصادي، غير أن التعديل بالرفع في التقديرات التاريخية يعني أن الطلب في عام 2021 تجاوز المعروض بواقع 2.1 مليون برميل يوميا.
ويشير التغيير أيضا إلى أن الطلب على النفط تعافى تقريبا إلى المستوى المرتفع المسجل قبل الجائحة عند 100.3 مليون برميل يوميا في الربع الرابع، وهو أقرب مما كان متوقعا في السابق. ولا يزال من المتوقع حدوث انتعاش كامل للطلب في الربع الثالث من عام 2022.
وقال جيوفاني ستونوفو محلل السلع الأولية في يو.بي.إس “ما يعنيه تعديل الطلب هو أن البعض… الذين ينظرون إلى قاعدة بيانات وكالة الطاقة الدولية كمدخل لتحليلاتهم سيرون سوق نفط أكثر شحا”.
وأضاف “تمثل الأسواق الناشئة أكثر من 50% من الطلب على النفط، حيث تكون البيانات أقل شفافية ويستمر الطلب لديها في الارتفاع بوتيرة أسرع مما هو عليه في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وليس من المستغرب أن يكون لكل وكالات الطاقة أرقام مختلفة”.
برميل النفط إلى 125 دولارا.. رؤية “جي بي مورجان”
قال بنك “جي بي مورجان” إنه من المرجح أن يؤدي النقص في إنتاج مجموعة أوبك+ والمخاوف بشأن المخزونات إلى استمرار تأزم سوق النفط، مما قد يدفع الأسعار إلى الارتفاع إلى 125 دولارا للبرميل في الربع الثاني من العام.
وأضاف البنك في مذكرة بتاريخ 11 فبراير/شباط “من المقرر أن يرتفع عجز المعروض حتى 2022 حيث من غير المرجح أن تعدل أوبك+ عن زيادات الحصص المستهدفة، مما سيؤدي إلى زيادة علاوة المخاطر بأكثر من 30 دولارا للبرميل فوق أسعار النفط”.
توقعات “أوبك”
وقالت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) الخميس، إن الطلب العالمي على النفط قد يرتفع بشكل أكثر حدة هذا العام مع تعافي الاقتصاد العالمي بقوة من تبعات جائحة كورونا، وهو تطور من شأنه أن يدعم الأسعار التي وصلت بالفعل إلى أعلى مستوياتها منذ سبع سنوات.
وأعطى شح المعروض من النفط دفعة أيضا لانتعاش أسواق الطاقة، وأظهر تقرير أوبك أيضا أن المنظمة رفعت الإنتاج أقل من المستوى الذي تعهدت به في يناير/كانون الثاني بموجب اتفاقها مع حلفائها
وقالت أوبك في تقريرها الخميس الماضي إنها تتوقع ارتفاع الطلب العالمي على النفط بواقع 4.15 مليون برميل يوميا هذا العام، وذلك دون تغيير عن توقعاتها الشهر الماضي في أعقاب ارتفاع حاد حجمه 5.7 مليون برميل يوميا في 2021.
وورد في التقرير تعليقا على توقعات الطلب في 2022 “تسود إمكانية تعديل التوقعات بالزيادة استنادا إلى استمرار تعاف اقتصادي قوي وبلوغ الناتج المحلي الإجمالي بالفعل مستويات ما قبل الجائحة”.
وذكرت أوبك في تعليق منفصل على توقعات الطلب لعام 2022 “نظرا لأن من المتوقع أن تحقق معظم اقتصادات العالم نموا أقوى فإن توقعات الطلب العالمي على النفط في المدى القريب في الجانب الإيجابي بالتأكيد”.
ومن المتوقع أن يتجاوز الاستهلاك العالمي للنفط 100 مليون برميل يوميا في الربع الثالث من العام، وهو ما يتفق مع توقعات الشهر الماضي. وعلى أساس سنوي كانت آخر مرة استهلك فيها العالم أكثر من 100 مليون برميل يوميا من النفط في 2019 على أساس سنوي.
وكانت أوبك قد تبنت وجهة نظر مبكرة مفادها أن تأثير المتحور أوميكرون من فيروس كورونا سيكون طفيفا، وقال التقرير بالفعل إن المتحور الجديد لم يكن له نفس القدر من التأثير الاقتصادي السلبي مثل موجات كوفيد-19 السابقة.