ضرب الجنون أسعار الغذاء فيما يبدو أنه فصل جديد لأزمة غذاء خطرة يشهدها العالم جراء الحرب الروسية الأوكرانية وتوقف لسلاسل الإمداد.
“صوامع مكتظة بالحبوب.. ولا بيع ولا شراء” إنه المشهد المتكرر في جميع مناطق الحزام الزراعي في أوكرانيا، بنحو 15 مليون طن من الذرة من محصول الخريف الماضي، معظمها كان ينبغي أن نراه مطروحاً في الأسواق العالمية حالياً.
وتسببت الحرب الأوكرانية في اختناق سلاسل الإمداد وارتفاع أسعار النقل واللجوء لمسافات أطول ومحطات ترانزيت أثناء عمليات نقل السلع، كل ذلك ترتب علية زيادة غير مسبوقة في أسعار السلع الغذائية.
وأوكرانيا وروسيا هما من أكبر 5 دول مصدرة للحبوب في العالم. حسب بعض التقديرات، لذا فإن الأمن الغذائي العالمي بات على المحك، حيث تبلغ قيمة التجارة الزراعية العالمية مع هذين البلدين نحو 1.8 تريليون دولار.
وتفيد الأرقام بأن أوكرانيا، رابع أكبر مصدر للقمح وللذرة الصفراء على مستوى العالم، وصدرت وحدها 17% من كمية الذرة والشعير التي سوقت للتجارة العالمية في 2020، ذهب 40% منها إلى دول عربية فيما تعتبر روسيا مصدرًا رئيسيًا للقمح إلى مصر.
“الفاو” تحذر
وبلغت أسعار السلع الغذائية العالمية “أعلى المستويات على الإطلاق” في مارس/آذار في وقت عرقلت الحرب الروسية الأوكرانية صادرات القمح والحبوب، حسبما أعلنت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) الجمعة.
وارتفع مؤشر أسعار السلع الغذائية لدى المنظمة بنسبة 12,6% بين شباط/فبراير وآذار/مارس “في قفزة عملاقة إلى أعلى مستوى جديد منذ بدء العمل به في 1990″، وفق المنظمة.
وعزت المنظمة الزيادة بشكل أساسي إلى مؤشر الفاو لأسعار الحبوب الذي “سجل ارتفاعًا بنسبة 17,1% مقارنة بشهر فبراير/شباط مدفوعًا بالزيادات الكبيرة في أسعار القمح وجميع الحبوب الخشنة، ويرجع ذلك أساسا إلى الحرب في أوكرانيا”.
كما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بسبب الزيوت النباتية التي قفز مؤشرها في منظمة الأغذية والزراعة بنسبة 23,2% مدفوعاً بارتفاع أسعار زيت عباد الشمس، الذي تعد أوكرانيا أكبر مصدر له في العالم.
في الوقت نفسه، ارتفعت أسعار زيوت النخيل والصويا واللفت بشكل حاد “على وقع زيادة الطلب العالمي على الواردات بسبب الاضطرابات في المعروض من زيت عباد الشمس”.
البدائل الحالية
الآن نرى الهند، التي حافظت تاريخياً على محصولها الهائل من القمح داخل حدودها –بفضل تحديد الحكومة لأسعاره– تقفز إلى أسواق التصدير، وتطرح كمية قياسية في مختلف أرجاء آسيا.
ورفعت الهند صادراتها، وهي الثانية بين أكبر منتجي القمح بعد الصين، والتي ربما بلغت رقماً قياسياً مسجلة 8.5 مليون طن في الموسم الذي انتهى الشهر الماضي.
وقال نايليش شيفاجي شيدج، البالغ من العمر 46 عاماً ويزرع القمح على خُمس قطعة الأرض الخاصة بعائلته ومساحتها 15 فداناً تقريباً: “إنني لا أتذكر آخر مرة ارتفعت فيها أسعار السوق الحرة متجاوزة الحد الأدنى الداعم الذي تضعه الحكومة”.
كما تجدر الإشارة إلى صادرات البرازيل من القمح في الأشهر الثلاثة الأولى من العام تجاوزت بكثير جميع الكمية التي قامت بتصديرها العام الماضي بأكمله.
وتتجه شحنات الذرة الأمريكية إلى إسبانيا لأول مرة منذ أربعة أعوام. وتدرس مصر مقايضة الأسمدة بالقمح الروماني وتعقد مباحثات مع الأرجنتين حول شراء القمح.