ألم تلاحظوا أنه عندما يحتد النقاش بين طرفين أو أكثر فإن الجميع يتحدث بعشوائية وصراخ، بل إنه عندما يندلع خلاف وتجد طرفاً يتحدث تلاحظ أن الطرف الثاني يهز رأسه وكأنه يستعجل من يتحدث للانتهاء من حديثه، وبمجرد أن يصمت يبدأ في الكلام وكأنه سيل منهمر لا يوقفه شيء، ويتكرر الأمر مع الطرف الآخر، وهكذا تذهب الأمسية في حديث ورد، دون أن يصل الطرفان لنقطة وسط أو لحل أو على الأقل ليتفهم كل واحد منهما لما يقال.
يقول مدرب التنمية البشرية الكندي الشهير، روبن شارما: ” أغلب الناس فكرتهم عن الإنصات هي انه انتظار الطرف الآخر حتى يفرغ من حديثه ليتمكنوا من إقحام أنفسهم”.
قد تشاهد البعض يصمتون لكنهم لا ينصتون، وهذا هو الفرق الشاسع.
إذا أشير على شخص أنه متحدث لبق وذو خلق، فهذا لا يعني أنه وُلد بهذه الصفة، لأنها كما هو معروف ليست من الصفات التي يمكن توارثها من جيل لآخر، لكنها صفة تمتع بها نتيجة عوامل من التربية والمعرفة بأن في هذه الصفة الخلق القويم.
بالمثل إذا شاهدت أحدهم يتمتع بحسن الإنصات والاستماع، والتمهل والتفكير العميق قبل أن يقرر أو يصدر أحكام ضد الآخرين في أي موضوع كان، هذه أيضا صفة حكيم لن تجد أي أب أو أم يستطيع أن يورثها وينقلها لأطفاله، إلا بوسيلة واحدة، وهي حسن التعليم والتربية، وتزويد هؤلاء الأبناء منذ نعومة أظفارهم بالخبرات الحياتية والقصص الملهمة التي تساعدهم على تقويم سلوكهم، بعد هذا يجب على الفرد نفسه أن يعطى نفسه الفرصة للتعلم من الآخرين، والإنصات العميق، وهو الذي يعني الإنصات مع التفكير الدقيق.
وهي نصيحة لكل فتياتنا وشبابنا بالإنصات وإدراك مغزى وعمق ما تسمع من كلمات، وبالمناسبة فإن الإنصات يختلف تماما عن الاستماع، وهذا الجانب قد أعود للحديث عنه، علينا أن ندرك أن حسن الإنصات بمثابة البوابة الأولى للباقة الحديث التي تنعكس على شخصية المتحدث، وبه يحصل على قدر كبير من الاحترام من قبل الآخرين وبالتالي يسهل على من يتمتع بمثل هذه اللباقة في الكلام أن يتقبل الآخرين ويفهم آرائهم ووجهات نظرهم دون تعقيد أو تعصب أو أحكام مسبقة.
البيان الإماراتية