سجال نشب بين رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس ورئيس حكومة ليبيا المقالة الدبيبة، خسر فيه الأخير معظم الجولات حتى بات “وهميا” بامتياز.
ذلك السجال، حاول الدبيبة من خلاله –كعادته- صرف الأنظار عن موقفه القانوني كرئيس حكومة “مغتصب” للسلطة، بعد أن رفض تسليم المنصب لخلفه فتحي باشاغا، مستعينًا بذلك بالكتائب الإلكترونية التي حاولت دعم موقفه، إلا أن موجة الغضب ضد رئيس الحكومة “الوهمي” كانت أكبر من محاولات التأييد.
وكانت جماهير ليبية طردت عبدالحميد الدبيبة من إحدى مباريات كرة القدم والتي عقدت في العاصمة طرابلس، قبل أيام، واصفة إياه بـ”الوهمي”.
ما القصة؟
القصة بدأت بتغريدة لرجل الأعمال المصري نجيب ساويرس انتقد فيها الدبيبة وطريقة تعاطيه مع الأزمة في ليبيا، وإعلائه مصلحته الشخصية فوق مصلحة بلاده، قائلا: “سيذكر التاريخ أن الدبيبة وقف في طريق استقرار وطنه من أجل مصلحته الشخصية.. فضل المنصب على مصلحة ليبيا”.
تغريدة لرجل الأعمال المصري، أثارت الكثير من التأويلات حول مغزاها وأسبابها، إلا أن ما أثار الجدل بشكل أكبر، طريقة رد رئيس الحكومة الليبية المقالة عبدالحميد الدبيبة.
وهاجم الدبيبة، في تغريدة عبر حسابه بـ”تويتر”، رجل الأعمال المصري، محاولا تحويل دفة السجال إلى سياسي، قائلا: “يبدو أنك قد أخطأت العنوان.. هذه ليبيا (التاريخ) بلد الأسُود وموطن الحشمة وليست مهرجانا للتعري!!”، في إشارة إلى تنظيم ساويرس مهرجان الجونة السينمائي كل عام.
كتائب إلكترونية
وما إن انطلق الدبيبة في رده، حتى أخذ السجال بين الرجلين بعدًا آخر، إثر دخول ما وصفهم ساويرس بـ”الكتائب الإلكترونية” على الخط، والتي ألقت بسهام انتقاداتها لرجل الأعمال المصري.
إلا أن ساويرس، أعاد الكرة مرة أخرى في ملعب الدبيبة، بعد أن لقنه درسًا وصفه مغردون بالـ”قاسي”، قائلا، إنه لم يخطئ العنوان “لكن الدبيبة أخطأ في رده وأسلوبه”.
وفيما حاولت بعض الكتائب الإلكترونية التابعة للدبيبة الإشارة إلى أن موقف ساويرس، جاء بعد أن قالوا إن عبدالحميد الدبيبة ألغى عقود عمل لشركات مصرية، كانت تعاقدت عليها قبل أشهر، لإنشاء طرق ومحاور استراتيجية في ليبيا، إلا أن ساويرس نفى بشكل ضمني تلك الرواية بعد أن تفاعل معها.
وأضاف ساويرس: “القضية ليست قضية مهرجانات أو الحشمة، القضية هي استقرار ليبيا ومستقبلها.. وقرارك الخاطئ بالتمسك بالسلطة على حساب وطنك، وسنرى إن شاء الله مستقبلا مهرجانا للثقافة والسينما في ليبيا، فهما ليسا رجسا من الشيطان مع خالص التهنئة بعيد الفطر المبارك”.
صفعات للدبيبة
وأشار في تغريدة أخرى إلى أنه ليس لديه طموحات اقتصادية، قائلا: “لقد حققتً ما أردت والقناعة كنز لا يكفى وأتكلم عن محبة لليبيا وليس لدى دافع آخر … وكثير ينتقدون ويشتمون ولا يطرحون حلولا”.
وأكد ساويرس، أنه ليس لديه أي نشاط في ليبيا و”لن يعمل في ليبيا إلى أن تتخلص من المليشيات ويعود الاستقرار بعون الله”، مضيفًا: “تويتة واحدة حركت كل الكتائب الإلكترونية التابعة للمليشيات في طرابلس …عندي خبرة بالتعامل معها و البلوك خير رد .تحيا ليبيا”.
وكانت شركات مصرية، وقعت في يناير/كانون الثاني الماضي، عقود عمل لاستكمال مشروع الطريق الدائري الثالث في العاصمة طرابلس، الذي يصل طوله إلى 23 كيلومترا، ويربط أحياء طرابلس من منطقة غوط الشعال غربا إلى طريق الشط في اتجاه الشرق، مرورا بأغلب المناطق السكانية والخدمية في طرابلس، وتصل تكلفة المشروع إلى 734ر3 مليار دينار ليبي.
كما وقعت عقود عمل لتنفيذ وتوسعة طريق “اجدابيا جالو” بطول 252 كيلومترا في شرق البلاد، وطريق “أوباري غات” بطول 360 كيلومترا في الجنوب، في اتفاقية قال عنها الدبيبة –في ذلك الوقت- إنه استدعى نخبة الشركات المصرية لتنفيذ مجموعة من مشروعات الكهرباء والصرف الصحي والطرق في جنوب وغرب وشرق البلاد.
ردود الأفعال
لم يكن التراشق حصرًا على عبدالحميد الدبيبة ونجيب ساويرس، بل إن السجال بين الرجلين تحول إلى “تريند” عبر مواقع التواصل الاجتماعي في ليبيا، بعد أن هاجم رئيس الحكومة المقالة الكثير من أبناء وطنه، مشيرين إليه بـ”الوهمي”.
وانتقد الصحافي الليبي عمرو فتح الله، طريقة رد الدبيبة، قائلا: “كان يجب على الدبيبة أن لا ينزل هذه المنزلة ويرد على ساويرس بهذه الطريقة. فهذا ليس أسلوب ولا خطاب رئيس حكومة للأسف الشديد.. أمر مخجل”.
فيما قال حساب يدعى صياد الجبل: “غباء وحماقة الدبيبة سوف يجر ليبيا لتداعيات خطيرة جداً”، في إشارة إلى تخوفاته من أن تؤدي تلك التصريحات إلى توتر العلاقات المصرية – الليبية.
أما الصحفي المصري والمتخصص في الشأن الليبي خالد محمود، فكان له وجهة نظر أخرى، أشار إليها في تغريداته بتويتر، قائلا: في تقديري الشخصي, فقد أخطأ نجيب فعلا في حق الدبيبة، عندما خاطبه بشكل سياسي لم يفهمه، كان الأولى بنجيب أن يذكره برشاوى جنيف التي دفعها للوصول إلى السلطة، وبشهادته الكندية المضروبة، وبجوازات سفره الأجنبية، وبإخلاله بتعهداته وما التزم به”.
وتابع محمود: أخطأ نجيب عندما تصور أنه يخاطب رئيس حكومة، كان عليه أن يعي أنه يتحدث إلى أمير حرب من الدرجة الثانية، وأن الدبيبة مزور وكاذب وأفاق، وخائن لشعبه وبلده وجيشه الوطني، وأنه بشهادة مسقط رأسه مصراتة، وهمى أبدى” على حد قوله.
المليشيات تهاجم الدبيبة
واسترسل المتخصص في الشؤون الليبية قائلا: “أخطأ نجيب للمرة الثالثة عندما تصور أنه يتحدث إلى سياسي وطني، بينما الدبيبة كائن لا يعرف شيئا عن الوطنية أو السياسة، وأخيرا، لعله عرف حجمه تماما عندما زار القاهرة آخر مرة قبل أسابيع, حيث سمع مالا يستطيع غيرنا أن يقوله، فقد نصحناه بما يكفي، لكنه عدو لنفسه”.
ورغم ذلك، إلا أن الهجوم على الدبيبة لم يكن من خارج معسكره فقط، بل إن المليشيات المسلحة التي تأتمر بأمره، وجهت سهام انتقاداتها لطريقة رده، فقال هيثم التاجوري، آمر مليشيا “ثوار طرابلس”: “عبدالحميد الدبيبة مفروض يحترم منصبه ويكون رده في المستوى ولكن فعلاً وهمي”.