تواصل أوروبا فرض العقوبات على روسيا، وتبادلها موسكو التصعيد نفسه، ويئن الاقتصاد العالمي من التوترات، ليصبح الكل خاسر في الحرب.
وفرضت أوروبا الأربعاء، حزمة عقوبات سادسة على روسيا جراء الحرب الأوكرانية، شملت التوجه نحو حظر النفط الروسي ولبنوك وإذاعات.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين للبرلمان الأوروبي “نعتزم استبعاد سبيربنك وهو أكبر بنك في روسيا وبنكين كبيرين آخرين من نظام سويفت”.
وأضافت أمام البرلمان الأوروبي “سنتخلى عن الإمدادات الروسية من النفط الخام تدريجيا خلال ستة أشهر والمنتجات المكررة بنهاية العام”.
وفي المقابل تواصل روسيا الضغط على “القارة العجوز” عبر إجبار الدول المستوردة للغاز الروسي بالدفع بالروبل، وكذلك إعلان روسيا سداد الديون بالروبل، بل صعّدت موسكو الأمر بإعلانها قطع إمدادات الغاز عن الدول “غير الصديقة” بحسب وصف الكرملين لها، مثل بولندا وبلغاريا.ورغم أن حزمة العقوبات السادسة لم تفعل حتى الآن، إلا أن تداعياتها جاءت سريعة، فقفزت أسعار النفط عالميا بنسبة 3%، وبحلول الساعة 0746 بتوقيت جرينتش، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 2.94 دولار للبرميل أو 2.8% مسجلة 107.91 دولار للبرميل وسط تداولات بكميات قليلة بسبب عطلة في الصين واليابان.
وارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 3.02 دولار أو ثلاثة بالمئة إلى 105.43 دولار للبرميل.
وأظهر تقرير اطلعت عليه رويترز اليوم الأربعاء أن تحالف أوبك+ يتوقع فائضا قدره 1.9 مليون برميل يوميا في 2022، بزيادة 600 ألف برميل يوميا عن تقديرات سابقة، وسط توقعات بتباطؤ نمو الطلب على النفط هذا العام.
“لا ضمانات”.. رفض مجري للعقوبات
اعتبرت الحكومة المجرية الأربعاء أن لا ضمانات لأمن طاقة المجر في مشروع الحظر الأوروبي للنفط الروسي.
وقال المكتب الإعلامي للحكومة المجرية في بيان أرسلته لوكالة فرانس برس “لا نرى أي خطّة أو ضمانات لكيفية إدارة الانتقال (من استخدام النفط الروسي إلى عدمه) على أساس الاقتراحات الحالية، وما الذي سيضمن أمن الطاقة في المجر”.
ولم يوضح المكتب الإعلامي على الفور ما إذا كان ذلك يعني أن المجر ترفض بشكل قاطع الاقتراح الأوروبي.
وفي وثيقة اطّلعت عليها وكالة فرانس برس، تقترح رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين إمهال المجر وسلوفاكيا فترة أطول لتطبيق الحظر لأنهما تعتمدان بشكل كبير على النفط الروسي.
وسيلتقي سفراء 27 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي الأربعاء لتقييم مشروع فون دير لايين، وسيتطلّب موافقة بالإجماع قبل دخوله حيز التنفيذ.
واستبعدت المجر حتى الآن دعم أي حظر استيراد، وأشار رئيس الوزراء فيكتور أوربان الذي أقام علاقات وثيقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في السنوات الأخيرة، إلى اعتماد الدولة الواقعة في وسط أوروبا على الغاز والنفط الروسي.
وكرر وزير الخارجية المجري بيتر سيارتو الثلاثاء أن “من المستحيل في الوقت الحالي تشغيل المجر أو الاقتصاد المجري بدون النفط الروسي”.
ويأتي 65% من نفط المجر و85% من إمدادات الغاز من روسيا، بحسب المتحدث باسم الحكومة زولتان كوفاكس.
البنوك الروسية بين العزلة والإفلاس
وتعاني البنوك الروسية من تأثير العقوبات الأوروبية عليها، بعدما أعلنت بريطانيا وأوروبا الموافقة على استبعاد البنوك الروسية من نظام سويفت المالي العالمي، كما أعلنت المفوضية الأوروبية اليوم استبعاد سبيربنك وهو أكبر بنك في روسيا وبنكين كبيرين آخرين من نظام سويفت.
أعلنت محكمة هولندية نهاية أبريل/نيسان الماضي إفلاس مصرف “أمستردام ترايد بنك” المملوك من رساميل روسية بسبب العقوبات التي فرضها الغرب على موسكو وكيانات روسية خاصة وعامة إثر الغزو الروسي لأوكرانيا.
خسائر اقتصادية
أدت العقوبات الأجنبية التي فرضت مع بداية العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي، إلى تجميد نحو 300 مليار دولار من 640 مليار دولار تقريبا تمتلكها روسيا في الخارج.
فيما تقدر خسائر أوكرانيا بنحو 565 مليار دولار، إضافة إلى خسارة 54 مليار دولار من الاستثمارات الرأسمالية، حسبما أفادت وزارة الاقتصاد الأوكرانية.
وبحسب وكالة الأنباء الأوكرانية (أوكرين فورم)، قال نائب وزير الاقتصاد الأوكراني إيهور دياديورا، عبر التليثون، في تصريحات صحفية نهاية أبريل/نيسان الماضي، إن من بين الخسائر 119 مليار دولار تتعلق بالبنية التحتية، و91 مليار دولار خسائر بالمرافق المدنية.
وقال وزير المالية الأوكراني سيرهي مارشينكو في 24 مارس/آذار الماضي إن الشركاء الدوليين قدموا لأوكرانيا أكثر من 2 مليار دولار و1 مليار يورو من المساعدات منذ بداية الحرب.
وطالب الرئيس الأمريكي جو بايدن، أمس الثلاثاء، خلال زيارته موقعاً لإنتاج صواريخ جافلين المضادّة للدروع، الكونجرس بأن يقرّ “بسرعة” تمويلاً إضافياً بقيمة 33 مليار دولار بهدف زيادة المساعدة العسكرية لأوكرانيا لتمكينها من مواجهة الجيش الروسي.
وطالبت 10 دول المفوضية الأوروبية بتوفير تمويل إضافي وقواعد إنفاق “أكثر مرونة” للتعامل مع اللاجئين الأوكرانيين الذين وصلوا إلى بلدانهم.
يذكر أن المجلس الأوروبي، الثلاثاء الماضي، ضخ ميزانية قدرها 3.5 مليار يورو (3.7 مليار دولار) هذا العام كتمويل أولي إضافي للعام يلبي الاحتياجات الأساسية للاجئين من أوكرانيا وتزويدهم بالمساعدة الأساسية داخل الدول الأوروبية التي تستضيفهم.
وتباطأ النمو الاقتصادي في أوروبا منذ بداية العام الحالي، ما أثار المخاوف بشأن التعافي من كورونا الذي سيواجه ضغوطاً إضافية جرّاء الحرب الروسية في أوكرانيا.
ونما اقتصاد منطقة اليورو 0.2% فقط خلال الربع الأول، متأثراً بالانكماش في إيطاليا، والركود في فرنسا، ونمو أضعف من المتوقع في إسبانيا، فضلاً عن تقلّص النشاط في السويد.
وعانت الولايات المتحدة من الأمر نفسه، رغم الزيادة في الواردات المرتبطة بالطلب الثابت من جانب المستهلكين.
في الوقت نفسه، يشكّل التضخم بكلٍ من الولايات المتحدة وأوروبا والهند والبرازيل ضغطاً على البنوك المركزية لتشديد سياساتها.
أزمة غذاء عالمية
وكشف تقرير صادر من الشبكة العالمية لمكافحة الأزمات الغذائية، عن حدوث أزمة غذاء عالمي، حيث تصنف منتجات روسيا وأوكرانيا منتجان رئيسيان للغذاء- مما يشكل مخاطر جسيمة على الأمن الغذائي العالمي، لا سيما في البلدان التي تعاني من أزمة غذاء، بما في ذلك أفغانستان وإثيوبيا وهايتي والصومال وجنوب السودان وسوريا واليمن.
وفي عام 2021، حصل الصومال على أكثر من 90% من احتياجاته من القمح من روسيا وأوكرانيا، وحصلت جمهورية الكونجو الديمقراطية على 80%، بينما استوردت مدغشقر 70 بالمئة من المواد الغذائية الأساسية من البلدين.
وذكر التقرير أن “البلدان التي تتعامل بالفعل مع مستويات عالية من الجوع الحاد معرضة بشكل خاص (للتأثر بمخاطر الحرب) بسبب اعتمادها الكبير على واردات الغذاء وضعفها أمام صدمات أسعار الغذاء العالمية”.