dhl
dhl

ميزانية ليبيا على “طريق الأشواك” برغم التمرير

بعد اعتماد مجلس النواب الليبي ميزانية البلاد للمرة الأولى منذ سنوات، برزت تساؤلات حول إمكانية تطبيقها فعليا في ظل وجود معوقات.

وتأتي هذه التساؤلات في ظل سيطرة تنظيم الإخوان الإرهابي على المؤسسات صاحبة الاختصاص في صرف الأموال، ووجود عوائق إدارية وجغرافية.

وأمس الأربعاء، أقر مجلس النواب، الميزانية العامة للدولة للعام 2022، والمقدمة من الحكومة برئاسة فتحي باشاغا، بالإجماع، إذ صوت بالموافقة 103 نواب بواقع 98 نائبا حاضرين و5 نواب صوتوا إلكترونيا.

فرص التطبيق

وحول فرص تطبيق هذه الميزانية، قال الكاتب الليبي فرج الخفيفي إن “إقرار ميزانية حكومة فتحي باشاغا، أمر هام ومنتظر من كل الليبيين، لكنه في ذات الوقت يمثل نصف المطلوب لإنقاذ البلاد من أزماتها الاقتصادية الحالية التي خلفتها حكومة عبدالحميد الدبيبة منتهية الولاية”.

وأضاف في هذا الإطار أن “معوقات تسييل الميزانية عديدة أولها وقوع المؤسسات المختصة تحت سيطرة تنظيم الإخوان أو على الأقل تحت سلطة الأمر الواقع التي يفرضها الدبيبة في طرابلس مدعوما بمليشياته المسلحة”.

وموضحا المؤسسات التي يقصدها، قال فرج الخفيفي إنها “مؤسستا النفط والبنك المركزي”.

سلطة الأمر الواقع

وفسر الكاتب الليبي حديثه قائلا إن ليبيا “تعتمد على إيرادات بيع النفط ومشتقاته كمصدر أول ووحيد تقريبا لميزانيتها العامة وتلك الإيرادات تجنيها بشكل حصري مؤسسة النفط التي يترأسها مصطفى صنع الله الذي لا يزال من غير المعروف مع من سيقف” في الأزمة الراهنة.

وتابع “وحتى إن قرر صنع الله الوقوف مع الحكومة المكلفة من البرلمان فلن يستطيع ذلك في ظل وجوده في طرابلس التي تعج بالمليشيات المسلحة التابعة للدبيبة، وفي ظل وجودها، لن يستطيع صنع الله عمل أي شيء”.

ومضى قائلا “كما أن صنع الله سيل في وقت سابق 6 مليارات دولار لحكومة الدبيبة رغم وجود أمر من رئيس البرلمان عقيلة صالح بتجميد إيرادات النفط، وهو الأمر الذي دعمته عدة دول بحجة ألا يستفيد أحد طرفي النزاع من تلك الأمور لصالحة”.

الكاتب الليبي أكد أن “صنع الله خالف أمر رئيس البرلمان، ومنح تلك الأموال للدبيبة رغم الخلاف الحادث بينهما منذ فترة، وهو ما يدل أن رئيس مؤسسة النفط ليس بيده، بل بيد المليشيات وأمراء الحرب الذين يحكمون طرابلس”.

معضلة المركزي

أما المؤسسة الثانية؛ فهي البنك المركزي، الذي قال الكاتب الليبي عنها، “المؤسسة التي يورد إليها إيراد بيع النفط الليبي بشكل حصري”.

وأوضح أن “ولاء الصديق الكبير محافظ البنك المركزي محسوم تماما لصالح الدبيبة؛ الأمر الذي يعني أن الكبير لن يسيل تلك الميزانية المعتمدة أمس، لصالح الحكومة برئاسة فتحي باشاغا”.

ودلل الكاتب على كلامه، قائلا “بالتوازي مع جلسة البرلمان التي أقر خلالها ميزانية حكومة باشاغا، أمس، كان المحافظ الصديق الكبير يجلس على نفس الطاولة في ذات التوقيت مع الدبيبة”. 

وأكد أن هذه الصورة “كانت رسالة واضحة من المحافظ والدبيبة مفادها بأن البنك المركزي لن يسيل أي أموال لحكومة باشاغا”.

وحتى وإن “رضخ الكبير للأمر الواقع ووافق على تسييل الميزانية للحكومة تحت ضغط ما”، وفق الكاتب الليبي،”سيبقى هناك عائق آخر وهو الخطة التي أعلنها السفير الأمريكي قبل شهر ونصف وتقضي بتجميد إيرادات النفط لمنع أي طرف من أطراف النزاع من تسخيرها سياسيا لصالحه”.

ونتيجة لذلك، يقول الكاتب: “كل تلك المعوقات تحتاج جهدا كبيرا من مجلس النواب لحلها من أجل إكمال دعمه للحكومة الجديدة”.

محاولات برلمانية

لكن يبدو أن البرلمان بدأ بالفعل جهود حل هذه المعوقات، إذ قال الناطق باسم مجلس النواب عبد الله بليحق في مؤتمر صحفي، أمس، “هناك إجراءات ستتخذ خلال الأيام المقبلة لتوفير الميزانية للحكومة الشرعية ودعمها لتتمكن من ممارسة أعمالها بشكل قانوني”.

وأوضح أن “مجلس النواب داعم للحكومة وسيظل يدعمها بكل المسائل لا سيما توفير الميزانية، لتبدأ أعمالها في الوقت القريب وصولا إلى الانتخابات”.

عوائق أخرى

ورغم تعهد البرلمان بحل إشكالية توفير الميزانية للحكومة، قالت ناجية الكراتي، أستاذة علوم الإدارة بالجامعات الليبية، إن هناك عوائق أخرى أمام صرف حكومة باشاغا الميزانية.

قالت الكراتي، إن “هناك مشاكل تكمن في البنية التحتية لصرف أي ميزانية وتتمثل في منظومات المؤسسات التي تقع في طرابلس”.

وأضافت في هذا الصدد أن “منظومة المرتبات مثلا وكل ما يخص موظفي القطاع الحكومي تقع في طرابلس، فكيف ستنفق حكومة باشاغا الباب الأول من الميزانية؛ وهو رواتب الموظفين البالغة 40 مليار دينار؟”.

وأوضحت أن “سبب هذه المعضلة هو المركزية التي تحكم البلاد؛ فكل شيء موجود في طرابلس”.

وتابعت “عندما حدث الانقسام السياسي عام 2014 وتمركزت حكومة عبدالله الثني في شرق البلاد تمكنت بعد مدة طويلة من إنشاء مؤسسات ومنظومات مكنتها من العمل، ولكن كان ذلك فقط في شرق البلاد وبعض المدن الخاضعة لها في الجنوب والغرب”.

أما حكومة باشاغا، “فهي حكومة لكل الليبيين ويجب أن تحصل على المنظومات الإدارية في الغرب أيضا، لتكون حكومة ليبية حقيقية”، وفق الكراتي.

airfrance
مرسيدس
Leave A Reply

Your email address will not be published.