الرباط – بصير الأحمدي:
مؤهلات طبيعية متنوعة، تجعل من المملكة المغربية بلداً رائداً في مجال الاقتصاد الأزرق، يزيد من ذلك مشاريع متعددة لتطوير هذا القطاع.
وصدّق البنك الدولي مؤخرا على منح المغرب قرضا تبلغ قيمته 350 مليون دولار، من أجل دعم جهود المملكة لتحقيق أهدافها ودعم إطلاق الخطط الخاصة بالاقتصاد الأزرق.
وأكد البنك الدولي أن من بين أهداف هذا القرض، تحسين التدبير المندمج للموارد الطبيعية، وتدعيم بعض القطاعات من أجل النهوض باقتصاد أزرق قادر على الصمود في وجه التغيرات المناخية في المناطق المستهدفة.
اقتصاد مستدام
في هذا الإطار، قال محمد بن عبو المهندس والخبير في التنمية المستدامة، إن الاقتصاد الأزرق هو وجه من أوجه الاقتصاد المستدام الذي يحافظ على الموارد الطبيعية من أجل الأجيال القادمة.
أضاف بن عبو، أن المغرب “حباه الله بواجهة بحرية بطول 3500 كيلومتر من البحر الأبيض المتوسط إلى المحيط الأطلسي، وهذه الإمكانيات التي نتوفر عليها اليوم سواء منها السطحية أو التي توجد في أعماق البحر والمحيط تجعل المغرب يحتل المرتبة 13 عالميا من حيث إنتاج مجموعة من الأنواع السمكية”.
وأبرز الخبير نفسه، أن من بين رهانات العمل على الاقتصاد الأزرق، تشغيله يدا عاملة مهمة ويؤمن الأمن الغذائي سواء المحلي أو الوطني كما يسهم في إنعاش الاقتصاد الوطني من خلال اتفاقيات الشراكة مع مجموعة من الدول وعلى رأسها تكتل الاتحاد الأوروبي الذي يرتبط مع المغرب بشراكة استراتيجية ووضع “الشريك المتقدم”.
وأوضح الخبير في التنمية المستدامة، أنه بالحديث عن الاقتصاد الأزرق، “فنحن نتكلم عن المحيطات والتنقيب عن الغاز، حيث أصبح المغرب من بين الدول التي يمكن أن تلعب دورا مهما في السنوات المقبلة في الاحتياطيات الغازية خصوصا ما تم الإعلان عنه في منطقة “اللوكوس” أمام ساحل مدينة العرائش، وهنا يمكن أن تلعب هذه الثروة دورا أساسيا في الاقتصاد المغربي”.
وأشار بن عبو، إلى أن هناك توجها لاستغلال المغرب للموارد الطبيعية المستدامة على رأسها الطاقات الريحية التي يعتبر البحر أهم ومواردها كما توجد الطاقات المائية والطاقات الشمسية.
كما أدى التخصص في الموارد المائية العذبة وقلت المطر بالمغرب، يُضيف بن عبو، إلى الاشتغال على الموارد البحرية من خلال تحلية مياه البحر، والتي منها محطة التحلية بأغادير التي ستغطي أكثر و من 6 ملايين ونصف نسمة بالماء الصالح للشرب، وكذا سقي عشرات الآلاف من الهكتارات الزراعية بهذه المحطة.
كما عمل المغرب على العديد من محطات تحلية المياه خلال السنوات السابقة، كمحطة بجدود في وحطة الداخلة بالجنوب المغربي وأحفير (شمال شرق المغرب)، في حين أنه سيتم وضع 20 محطة تحلية للمياه أخرى بمجموعة من المناطق المغربية، والتي سيتفيد منها المغرب في ما يعرفه العالم حاليا من تغيرات مناخية كبيرة.
أهداف متعددة
وتابع بن عبو، أنه من بين أهداف القرض دعم التنمية ودعم مجموعة من الدعامات في مجال الاقتصاد الأزرق، كالصيد التقليدي واحترام المعايير معايير الصيد على المستوى العالمي، نظرا لكون هذه الثروة بدأت تعرف نوعا من الاستنزاف القوي.
وأشار بن عبو، إلى أن المغرب يشتغل حاليا على إنتاج مجموعة من الأنواع البيولوجية والتي تتم تربيتها في منظومة تربية الأسماك داخل البحار المغربية، حيث يحقق المغرب أرقاما جد مهمة في هذا المجال، الذي يعد من بين أهم نقاط القرض الذي تسلمه المغرب.
وبفضل الإمكانيات المالية التي يقوم المغرب بتعبئتها على الصعيد العالمي، يعطي المغرب دفعة قوية، لجميع المجهودات للحفاظ على هذه المنظومة المهمة، التي تتعرض لضغط كبير بسبب التغيرات المَناخية، حيث يرتفع مستوى الحموضة في البحر إضافة إلى ارتفاع مستواها بفعل ذوبان الجليد، بحسب بن عبو.
وهنا أضاف بن عبو أن مشروع الربط الكهربائي بين المغرب وبريطانيا تحت سطح البحر انطلاقا من جنوب المملكة ووصولا إلى بريطانيا، ليمد أكثر من 7 ملايين منزل بكهرباء نظيفة ومنخفضة التكلف وصديقة للبيئة.
بحث علمي
من جهة أخرى، أوضح بن عبو، أن هناك تعاونا بين مؤسسة محمد السادس لحماية البيئية ووزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة لخلق عقد العلوم من أجل المحيطات والاستثمار في مجال البحث العلمي، حيث لا يمكن الحديث عن الاقتصاد الأزرق في غياب التقارير العلمية المحينة وسط وجود تلوث كبير يهدد هذا الاقتصاد.
وأكد بن عبو، أنه “لا بد من الاستمرار في الاستثمار في مجال البحث العلمي قصد خلق اقتصاد أزرق يتماشى مع رؤية المغرب في التنمية المستدامة والاستراتيجية الوطنية في التنمية المستدامة التي أعطى المغرب انطلاقتها منذ 2017”.
ويعرف المختصون الاقتصاد الأزرق بالإدارة الجيدة للموارد البحرية واستخدامها بنحو يكفل حماية النظام البيئي للبحار والمحيطات.
كما يشمل كل الأنشطة المرتبطة بالبحر من قبيل قطاع الصيد والسياحة، وتربية الأحياء المائية، والأنشطة المينائية والطاقة، وتحلية مياه البحر والتكنولوجيات الحيوية البحرية، وغيرها من الأنشطة الأخرى.