يبدو أن أزمة الرقائق الإلكترونية لن تنتهي قريبا، فتلك الشريحة التي أصبحت العقل لكافة الأجهزة والآلات الحديثة تأخذ العالم لحرب نوعية.
“حرب الشرائح”.. المصطلح الذي سيكون أكثر استخداما في الفترة القادمة، خاصة بعد قرار الولايات المتحدة تقييد إمداد الشركات الصينية بالشرائح، التي باتت محركا رئيسيا في اقتصادات العالم.
وتدخل الشرائح في صناعة جميع الأجهزة والمعدات الحديثة، خاصة الإلكترونيات والسيارات، وغيرها، فهل يمكن أن نرى العالم بدون هواتف ذكية، ويعود للتراسل عبر الخطابات البريدية؟
وفرضت وزارة التجارة الأمريكية الأسبوع الماضي قيودا موسعة على الصادرات التكنولوجية للصين، تشمل أشباه المواصلات ومعدات تصنيع الشرائح، وهى الخطوة التي سوف تعرقل البحث المحلي وقطاع التكنولوجيا في بكين.
وحذر رئيس وزراء سنغافورة، لي هسين لونج، من تداعيات قرار الولايات المتحدة، التي ستؤدي لانفصال أكبر بين أول اقتصادين في العالم، وبالتالي “عالم أقل استقرارا”.
ونقلت وكالة بلومبرج للأنباء عن الرئيس السنغافوري في مؤتمر صحفي في كانبرا أثناء لقائه مع نظيره الأسترالي: “الخطوة الأخيرة التي اتخذتها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن خطيرة للغاية، أنا على ثقة أنهم درسوها بعناية”. وأضاف” يمكن أن تكون لها تداعيات واسعة النطاق”.
أزمة الرقائق الإلكترونية
منذ بداية جائحة كورونا، يواجه الاقتصاد العالمي أزمة كبيرة في توفير الإنتاج الكافي من الرقائق لتلبية الطلب المتزايد عليها.
فرغم تراجع إنتاج شركات السيارات، وإلغاء الكثير من طلبيات شراء الرقائق، فقد ارتفع الطلب عليها بشدة من قبل شركات الأجهزة الإلكترونية التي ازدهرت بسبب تطبيق إجراءات الحجر الصحي، مثل أجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف الذكية وأجهزة الألعاب المختلفة.
وزادت الأزمة في توفير الرقائق الإلكترونية مع دخول العالم في أزمة جديدة بسلاسل الإمداد العالمية نتيجة للحرب الروسية الأوكرانية، المستمرة منذ 24 فبراير/شباط 2022.
وأضف إلى ذلك العديد من الأسباب التي ساهمت في زيادة أزمة الرقائق، مثل دخول العالم في مرحلة الجيل الخامس، بجانب الحرب الاقتصادیة بین أمريكا والصين، وفتح أسواق جديدة، كما فاقم الأزمة إغلاق بعض المصانع.
تاريخ الشرائح الإلكترونية
عرف العالم الشريحة الإلكترونية عام 1958، بهدف استخدامها في الصواريخ النووية، قبل أن يتوسع استخدامها في كافة الأجهزة والآلات المدنية والعسكرية.
ويتم حاليا صناعة حوالي تريليون شريحة سنويًا في العالم، تدر 450 مليار دولار عائدا من المبيعات السنوية.
وارتفع الطلب العالمي على الشرائح بشكل كبير جدا مؤخرا، بسبب الأنواع الجديدة من الحاسبات الآلية، بما في ذلك التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي ومعالجة البيانات، والسيارات الكهربائية، التي تحتاج الواحدة منها 3 آلاف شريحة.
كما يتوقع المراقبون زيادة الطلب مستقبلاً على الشرائح، مع توصيل المزيد من الآلات الصناعية وتزويدها بأجهزة استشعار، وفقا للإيكونيميست.
وبسبب تأثيرها الواسع في الصناعة العالمية، أصبح النشاط الاقتصادي مرتبط بالشرائح الإلكترونية، وعندما تختل سلسلة تداولها، يمكن أن يتوقف النشاط الاقتصادي.
وظهر أثر هذا النقص في تداول الشرائح الإلكترونية واضحا في توقف خطوط إنتاج السيارات حول العالم في يونيو الماضي.
اشتعال حرب الرقائق
لسنوات عديدة، تصدرت الولايات المتحدة قائمة منتجي الشرائح الإلكترونية عالميًا، قبل أن تدخل لصين المنافسة والتفوق على المارد الأمريكي، حتى باتت الولايات المتحدة تستورد منها الشرائح الإلكترونية بقيمة تتجاوز 300 مليار دولار.
وأصبح إنتاج الشرائح الإلكترونية يتركز في شرق آسيا، وعندما فرضت واشنطن حظرًا على بكين، قررت الصين منح الأولوية لسوقها الداخلية، وخفضت التصدير لباقي دول العالم.
وبعد قرار الولايات المتحدة الجديد تقييد إمداد الشركات الصينية بالشرائح، بهدف تشديد الحظر عليها وسعيًا لإعاقة الاحتكار الصيني، هل يعني ذلك اشتعال حرب باردة جديدة تحت عنوان “حرب الشرائح”؟