يقرر الإنسان تغيير مسار حياته حينما يعثر على ذاته ويكتشف هويته الحقيقية، فيجد نفسه مشحونا بالطاقة الكافية التي تمنحه الجرأة للسعي خلف أحلامه بلا تردد.
هذا ما شعرت به أمل مدحت عزيز، ناقدة الطعام المعروفة على مواقع التواصل الاجتماعي بأنها ضمن أكثر الشخصيات المؤثر في مجال المطاعم بفضل إطلالتها الجذابة وذوقها الراقي في الطعام والذي لا يختلف كثيرا عن ذوقها في مظهرها الأنيق.
هذا المزيج استطاع أن يجعل من “أمل” شخصية مؤثرة يتابعها أكثر من ١٣٠ ألف شخص عبر “الفيسبوك” من خلال جروب the joy of food with Amoula والذي أنشأته لتنشر عليه مجموعة من مقاطع الفيديو والصور التي تروي خلالها بأسلوب بسيطة وجذاب في الوصف والتصوير تجربتها في كل مطعم أو مقهى تتوجه لزيارته من أجل دعوة الناس إليه في حال كان يستحق التجربة أو تقديم النصيحة لهم بعدم التجربة في حال اكتشفت سوء جودته.
ويعد أكثر ما جذب الناس إلى هذه المجموعة هو أن “أمل” تتميز عن كثير من مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة المعروفين في مجال تذوق الطعام بأنها تتمتع بمصداقية كبيرة ولا تعمل على خداع متابعيها على الإطلاق.
ولكن ما السر الذي دفع “أمل” التي تعمل منذ ٢٠ عاما موظفة في أحد البنوك تتسم بالجدية والدقة في العمل إلى “فود بلوجر” ذات ابتسامة جذابة وأسلوب راقي ممزوج بالفكاهة يفضله متابعيها؟
تروي لنا “أمل” إن الأمر بدأ تدريجيا بفضل موقف غريب صادفته قبل ١٠ سنوات أثناء شرائها لشجرة كريسماس، حيث صادفت مكتبة أثناء تجولها في أحياء مصر الجديدة وجدت به كتاب اسمه “best 100 restaurants in Egypt” – ” أفضل ١٠٠ مطعم في مصر” فقررت أن تشتريه لتبدأ من خلاله اكتشاف شغفها بفكرة تذوق الطعام ونقده والدي تحول مع الوقت بالنسبة لها إلى مخرجها من الضغط الذي يسببه لها عملها في البنك ليصبح متنفسها الذي تعثر فيه على وقت للترفيه عن نفسها قليلا.
واتجهت أيضا لتطوير الفكرة من خلال تجربة مطاعم تقدم أصناف غير مصرية لاصبح ملمة بكل ثفافات الطعام في مختلف دول العالم.
في البداية اتجهت “أمل” إلى تجربة عدة مطاعم بشكل عشوائي وزيارة أماكن مختلفة، فأصبحت ملمة بعدد لا بأس به من الأماكن التي تنصح بتجربتها، فبدأ زملائها في البنك باعتبارها المرجع الأساسي بالنسبة لهم في معرفة أفضل الأماكن من حيث الجودة والأسعار لتنصحهم بها بناءا على الخبرة التي اكتسبتها من تجاربها الشخصية السابقة.
وبعد مرور سنة من التجارب الأسبوعية ل “أمل” داخل مختلف المطاعم اقترح عليها أحد أصدقائها أن يساعدها على إنشاء جروب خاص بتجاربها عبر “الفيسبوك” ليصبح مرجع للكثير من الناس.
وبالرغم من أن المقترح كان في بداية الأمر مجرد فكاهة خلال جلسة أصدقاء في أحد مقاهي التجمع الخامس لتناول الحلوى، إلا إن الفكرة تحولت للجدية بالنسبة ل “أمل” التي قررت بالفعل أن تبدأ خطوة الجروب لتجربة ما إن كان سيحقق القبول والنجاح الكافي.
وبالرغم من الكثير من الانتقادات والهجوم الذي وجهه لها الكثيرين في البداية حول صعوبة تنفيذ الفكرة وأنها تقليديه خاصة أن هناك الكثير من المنافسين في المجال، إلا أن “أمل” قابلت هذا الكلام بالمزيد من الحماس والتحفيز فقررت أن تتحدى الجميع وتأخذ الخطوة الجريئة لتثبت أنها قادرة على خلق مكان لها داخل المجال بفضل أسلوبها الإيداعي المميز.
تقول ” أمل” إنها بعد متابعة الكثير من صفحات الطعام اكتشفت أن أغلبهم لديهم أهداف تجارية حيث يقومون بتقديم النقد بشكل مزيف مقابل الحصول على أموال وليس لخدمة المتابعين، لذا قررت أن تميز جروبها بتقديم الفكرة لمجرد حبها لها وشغفها بها باعتبارها هواية بدون أهداف تجارية.
وبالرغم من صعوبة وصول المتابعين للجروبات بعكس الصفحات إلا أن “أنل” تسعى دوما لتحدي هذه المصاعب بفضل قدرتها على الانفراد بأسلوب شيق في الوصف والكتابة التي ورثت موهبتها فيها عن والدها الأستاذ الجامعي والكاتب المخضرم، بالإضافة إلى قدرتها على اكتشاف أماكن جديدة ومميزة ووصفها لمتابعيها حتى تحولت إلى المرشد الأساسي بالنسبة لهم لمعرفة الأماكن الموثوق فيها والتي تتناسب في نفس الوقت مع ميزانيتهم، خاصة أنها تحرص في كل تجربة على تصوير فاتورة الطعام ليتمكن كل متابع من تحديد المكان الأنسب له وفقا لميزانيته.
لم تكن الشهرة التي حققتها أمل سببا في بعدها عن جمهورها على العكس فيوما بعد يوم تقترب منهم بشكل أكبر، فتحرص باستمرار على الإجابة عن تساؤلاتهم واستفساراتهم التي يرسلونها سواء على التعليقات داخل الجروب أو الرسائل التي يرسلونها بشكل خاص.
وبالرغم من صعوبة التنفيذ خاصة مع وجود تفاصيل كثيرة في الكواليس لا تظهر للجمهور مثل معاناة التصوير والكتابة والبحث عن الأماكن بجانب عملها الأساسي في البنك، إلا إن متعة إفادة الآخرين بتجاربها ومشاركتها معهم كافية لاستمرارها بكل حب في المجال ومحاولتها المستمرة للتطوير وتقديم المزيد.
تصف “أمل” المصاعب التي تمر بها في تجاربها المختلفة، فتتعرض للكثير من المضايقات من خلال رسائل تصلها عبر “الفيسبوك” فضلا عن الرسائل التي تنتقدها وتحاول إحباطها لتتوقف عن الاستمرار في الفكرة وهو ما تسبب في خسارتها للكثير من المحيطين بعا بعد تعرضها للخذلان منهم.
كما تعاني من تشكيك الكثيرين في مصداقيتها لعدم معرفتهم بها أو تجربتهم لنصائحها من قبل.
ولكن في المقابل استطاعت أمل أن تحقق نجاح كبير بفضل الجروب، فبدأت الكثير من المطاعم في التعرف عليها والاهتمام بالتواصل معها لمعرفة رأيها في خدماتهم، كما أن هناك نحو ٢٠ مطعم قاموا بدعوتها لتجربة الطعام لديهم وتقديم رأيها فيهم لمتابعيها بكل مصداقية وبدون تزييف للحقيقة.
وحصلت “أمل” بفضل نجاحها على عرض مع بداية العام بتقديم برنامج للحديث عن الطعام ولكن رفضت بسبب شعورها أنها لا تزال غير مستعدة بشكل كامل لنوض هذه التجربة الجادة في المجال خاصة مع انشغالها ايضا بعملها في البنك.