القاهرة – مى عبده:
ألكسندر غراهام بل عالِم ومخترع عُرف لعمله على الهاتف شارك والد وجد وأخ بل جميعهم في العمل في مجال الحديث والفصاحة وكانت والدته وزوجته من الصم، ما أثر على عمل حياته تأثيرا بالغا.
وبحثه في السمع والحديث دفعه إلى تجريب أجهزة سمعية، ما أدى إلى حصوله على أول براءة أمريكية عن جهاز الهاتف عام 1876.
ولكنه اعتبر الهاتف متدخلا على عمله الحقيقي كعالم ورفض أن يكون له هاتفا في مكتبه.
اهتمام بل بصمم والدته أدى به إلى دراسة علم الصوتيات.
ارتبطت عائلته لفترة طويلة بتعليم الخطابة وفن الإلقاء: جده «ألكسندر بل» في لندن، وعمه في دبلن، ووالده في إدنبرة، عملوا جميعا في هذا المجال.
نشر والده مجموعة متنوعة من الأعمال التي تخص هذا الموضوع وما زال العديد منها معروفا، على الأخص (The Standard Elocutionist) سنة 1860.
نُشِر العمل في إدنبرة سنة 1868، وظهر في 168 طبعة بريطانية وتم بيع أكثر من ربع مليون نسخة في الولايات المتحدة وحدها.
شرح والده في هذا البحث أساليبه في كيفية توجيه الصم-البكم (كما كان الاصطلاح آنذاك) للتعبير عن الكلمات وقراءة حركات شفاه الآخرين وفك شفرات المعاني.
قام الوالد بتعليم بل وإخوته كتابة الحديث المرئي إلى جانب تحديد أي رمز والصوت المصاحب له.
برع بل في ذلك لدرجة أنه أصبح جزءا من العروض العامة لوالده وأذهل الجماهير بقدراته. كان بإمكانه فك رموز الخطابات المرئية والقراءة بدقة لمساحات من الكتابة دون أي معرفة مسبقة بكيفية نطقها بكل لغة تقريبا، بما في ذلك اللاتينية والاسكتلندية الغيلية وحتى السنسكريتية.
كان يُعتقد أنه هو من اخترع الهاتف إلى أن اعترف مجلس الكونغرس الأمريكي رسمياً في عام 2002 أن المخترع الإيطالي أنطونيو ميوتشي هو المخترع الحقيقي للهاتف وذلك بعد مرور 113 عاماً على وفاته أي منذ عام 1889.
فقد اعترف مجلس النواب الأمريكي رسمياً في سنة 2002 بتاريخ 11 يونيو بأن ميوتشي أول مخترع لفكرة الهاتف في قرار المجلس رقم 269.
وهذا يعني أن ألكسندر غراهام بل فقط قام باختراع الهاتف بناءً على فكرة اختراع وجدها في نموذج من نماذج اختراعات أنطونيو ميوتشي.في عام 1875، قام بل بتطوير جهاز التلغراف الصوتي وأعد طلبا للحصول على براءة اختراعه.
اتفق على تقاسم الأرباح من الولايات المتحدة مع المستثمرين جاردينر هوبارد وتوماس ساندرز، كما طلب بل من أحد أصدقائه وهو السياسي الكندي «جورج براون» محاولة تسجيل براءة الاختراع في بريطانيا، فأصدر تعليمات لمحاميه بتقديم طلب للحصول على براءة الاختراع في الولايات المتحدة بعد أن يتلقى كلمة من بريطانيا. (كانت بريطانيا تمنح براءات الاختراع للاكتشافات التي لم يسبق تسجيلها ضمن براءات الاختراع في أي دولة أخرى).
في غضون ذلك، كان إليشا غراي أيضا يجري تجاربه على إرسال الرسائل عبر التلغراف الصوتي وفكر في طريقة لنقل الكلام باستخدام جهاز إرسال مائي. في 14 فبراير 1876 قدم غراي طلب إنذار لتصميم هاتف يعمل باستخدام جهاز إرسال مائي لدى مكتب براءات الاختراع في الولايات المتحدة.
وفي صباح اليوم نفسه، قدم محامي بل طلبا باسم بل إلى مكتب براءات الاختراع. أُثير جدلا واسعا حول من وصل أولا، وفي وقت لاحق اعترض غراي على أولوية براءة اختراع بل. كان بل في بوسطن بتاريخ 14 فبراير 1876 ولم يصل إلى واشنطن حتى 26 فبراير.
سُجِّلت براءة اختراع بل برقم 174,465 ومُنِحت له يوم 7 مارس 1876 من قبل مكتب براءات الاختراع في الولايات المتحدة. كانت براءة اختراع بل تتعلق بـ«طريقة وجهاز لنقل الصوت أو غيره من النغمات تلغرافيا… من خلال التسبب بتموجات كهربائية تشبه في شكلها ذبذبات الهواء المرافقة للصوت أو غيره من النغمات.»
عاد بل إلى بوسطن في نفس اليوم واستأنف عمله في اليوم التالي ورسم شكلا توضيحيا في مدونة مذكراته يماثل الرسم الذي جاء في طلب إنذار غراي لبراءة الاختراع.في 10 مارس 1876 أي بعد ثلاثة أيام من إصدار براءة اختراعه، نجح بل في تشغيل هاتفه باستخدام جهاز إرسال سائل مشابه لتصميم غراي.
تسبب الاهتزاز في طبلة الهاتف باهتزاز إبرة في المياه مما أدى إلى اختلاف المقاومة الكهربائية في الدائرة. عندها ذكر بل جملته الشهيرة «السيد واتسون – تعال إلى هنا – أريد أن أراك» في جهاز الإرسال السائل، واتسون الذي كان في نهاية الخط في غرفة مجاورة استمع إلى الكلمات بوضوح.
على الرغم من أن بل كان وما زال مُتهَما بسرقة الهاتف من غراي، إلا أن بل استخدم تصميم الإرسال المائي الخاص بغراي بعد أن مُنِح بل براءة الاختراع باعتباره فقط دليلا على مفهوم التجربة العلمية ليثبت رضاه الشخصي عن مفهوم أن «التعبير الكلامي» (كلمات بل) يمكن أن ينتقل كهربائيا.
بعد مارس 1876 ركز بل على تحسين الهاتف الكهرومغناطيسي ولم يستخدم أبدا جهاز الإرسال المائي الخاص بغراي في العروض العامة أو الاستخدام التجاري.
صنع المخترع بل العديد من الآلات الأخري بخلاف التليفون منها:
- جهاز الكشف عن المعادن
كما يرجع الفضل لبيل لاختراع جهاز الكشف عن المعادن في عام 1881. سرعان ما استخدم الجهاز في محاولة للعثور على رصاصة في جسد الرئيس الأمريكي جيمس جارفيلد. كان عمل جهاز الكشف عن المعادن لا تشوبه شائبة في الاختبارات لكنه لم يكشف عن رصاصة القاتل ويرجع ذلك جزئيا إلى إطار السرير المعدني الذي كانت جثة الرئيس تستلقي عليه، مما أدى إلى التشويش على الجهاز.
كما شكك الأطباء القائمون على العملية الجراحية للرئيس كثيرا بكفاءة هذا الجهاز، وكان بل قد طلب مرارا وتكرارا نقل جثة الرئيس إلى سرير آخر لا يحتوى على أي مواد معدنية. اكتشف بل صوتا طفيفا في اختباره الأول، وقد تكون الرصاصة استقرت بعمق كبير بحيث لا يمكن كشفها بواسطة الجهاز البسيط. قدّم بل تقريرا يحتوي على وصف شامل لكل تجاربه إلى الجمعية الأمريكية لتقدم العلوم (AAAS) وقرأه أمامهم في أغسطس 1882.
- القارب المحلق (الهايدروفويل)مركب بل HD-4 أثناء تجربته (1919).
في مارس 1906 نشرت مجلة ساينتفك أمريكان مقالة للرائد الأمريكي «ويليام إي ميكهام» أوضح فيها الفكرة الأساسية للقوارب المحلقة «الهايدروفويل» والطائرات المائية. اعتبر بل اختراع الطائرة المائية إنجازا كبيرا جدا.
استنادا إلى المعلومات المكتسبة من تلك المقالة، بدأ بل في رسم تصميم المفاهيم لما يسمى الآن بالقارب المحلق.
قام بل ومساعده «فريدريك بالدوين» بإجراء تجارب الهايدروفويل في صيف عام 1908 باعتباره مساعدا ممكنا لإقلاع الطائرة من المياه.
درس بالدوين عمل المخترع الإيطالي «أنريكو فورلانيني» وبدأ باختبار النماذج. أدى ذلك إلى قيامه وبيل بتطوير القارب المحلق العملي.
- تجارب عدة لتطوير طائرة بمحرك
في عام 1891، بدأ بل بتجاربه لتطوير طائرة بمحرك يعمل بقوة أثقل من الهواء. تم صنع أول طائرة من طراز (AEA)عندما تخيَّل بل نفسه يحلق بالهواء مع زوجته التي نصحته بالاستعانة بمساعدة من «الشباب» حيث كان بل قد بلغ 60 عاما.
في عام 1898، أجرى بل تجاربا على الطائرة الورقية صندوقية الشكل رباعية السطوح والأجنحة التي تتألف منها الطائرة الورقية رباعية الأسطح المغطاة بالحرير. تمت تسمية الأجنحة رباعية السطوح باسم «سيغنيت» الأولى والثانية والثالثة (Cygnet I, II and III)، وتم إطلاقها جوا بدون طيار ومع طيار (تحطمت سيغنيت الأولى (Cygnet I) خلال رحلة حملت سلفريدج) في الفترة (1907-1912). تم عرض بعض طائرات بل الورقية في الموقع التاريخي لتكريمات وتشريفات ألكسندر غراهام بل.وكان بل أحد داعمي بحوث هندسة الطيران والفضاء الجوي من خلال جمعية التجارب الجوية (AEA) التي تأسست رسميا في باديك بنوفا سكوشا في أكتوبر 1907 بناءً على اقتراح من مابيل زوجة بل ودعمها المادي بعد بيع أحد العقارات التي كانت تمتلكها.
ترأس بل جمعية التجارب الجوية (AEA) في حين كان الأعضاء المؤسسين أربعة شبان وهم:«غلين إتش كيرتس»، صانع دراجات نارية أمريكي كان يحمل لقب «أسرع رجل في العالم» في ذلك الوقت بعد أن قاد دراجته النارية التي صنعها بنفسه في أقصر مدة زمنية، كما حصل في وقت لاحق على جائزة ساينتفك أمريكان عن قيامه بأول رحلة رسمية لمسافة كيلومتر واحد في نصف الأرض الغربي، ونال شهرة عالمية كصانع طائرات.الملازم «توماس سيلفريدج»، مراقب رسمي من الحكومة الفيدرالية للولايات المتحدة، وهو الشخص الوحيد الذي كان يؤمن بمستقبل الطيران في الجيش.«فريدريك بالدوين» أول كندي وبريطاني يقوم بقيادة طائرة في رحلة عامة في قرية هاموندسبورت بولاية نيويورك.«جي إيه دي ماكوردي»، كان كلا من بالدوين وماكوردي مهندسين حديثي التخرج من جامعة تورونتو.
تقدم عمل الجمعية بالاعتماد على المحركات التي تعمل بقوة أثقل من الهواء حيث قاموا بتطبيق المعلومات حول الطائرات الورقية على الطائرات الشراعية. بعد انتقالهم إلى هاموندسبورت، قامت المجموعة بتصميم وصنع طائرة «ريد وينغ» (Red Wing) وكان هيكلها من الخيزران وغُطِّيَت بالحرير الأحمر وكانت مدعومة بمحرك صغير يعمل بتبريد الهواء.
في يوم 12 مارس 1908، أقلعت أول رحلة رسمية لطائرة ذات سطحين وحلقت فوق بحيرة (Keuka Lake) في أمريكا الشمالية. الابتكارات التي تم إدراجها في هذا التصميم تضمنت مكانا مخصصا لمقطورة طيار ودفة (كان من المقرر لاحقا إضافة تغييرات على التصميم الأساسي لمؤخرة الطائرة «أو ما يسمى بالجنيح وهو جزء متحرك من جناح الطائرة لحفظ التوازن» كوسيلة للتحكم).
يُعَد الجنيح أحد اختراعات الجمعية وتم صنعه بشكل مستقل من قبل «روبرت إزنولت بيلتيري» وآخرون غيره كما أنه يمثل المُكَوِّن المعياري لكل الطائرات. تبع ذلك «وايت وينغ» (White Wing) و«جون باغ» (June Bug) وبحلول نهاية عام 1908، تم إنجاز أكثر من 150 رحلة جوية من دون حوادث.
على الرغم من ذلك، فقد استنزفت الجمعية جميع مواردها الاحتياطية فقامت السيدة مابيل بمنح مبلغ 10,000 دولار أمريكي الأمر الذي مَكَّن الجمعية من مواصلة تجاربها.