dhl
dhl

فيضانات النيل تُجدد الجدل حول سد النهضة: بين غضب الطبيعة ومخاوف السياسة

القاهرة – أميرة المُحمَّدي:

في مشهد أعاد إلى الأذهان ذكريات الفيضانات التاريخية، شهدت محافظات شمال مصر والسودان خلال الأيام الماضية ارتفاعًا مفاجئًا في منسوب مياه النيل، ما تسبب في غرق بعض القرى والمزارع وتضرر الطرق والمنازل القريبة من ضفاف النهر.

وبينما سارعت السلطات المحلية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من الأضرار، عاد الجدل مجددًا حول تشغيل سد النهضة الإثيوبي وتأثيره على توازن مياه النيل بين دول المنبع والمصب.تحدث عدد من الخبراء عن احتمال أن تكون الفيضانات المفاجئة نتيجة زيادة مفاجئة في معدلات تصريف المياه القادمة من الهضبة الإثيوبية، خاصة في ظل غياب الشفافية حول عمليات تشغيل السد. في المقابل، أكدت الحكومة الإثيوبية أن تشغيل السد يسير وفق “خطة داخلية منتظمة” وأنه لا علاقة له بالفيضانات الأخيرة، ما أثار تساؤلات في الأوساط السياسية والدبلوماسية عن مدى التنسيق بين دول الحوض في إدارة هذا المورد الحيوي.

في مصر، رفعت وزارة الموارد المائية حالة الاستنفار، وتم تفعيل غرف العمليات في المحافظات المتضررة، خاصة في كفر الشيخ والبحيرة والدقهلية، تحسبًا لأي زيادات إضافية في منسوب المياه.

وأكدت مصادر بوزارة الري أن “الوضع تحت السيطرة” بفضل مشروعات حماية الشواطئ التي نُفذت مؤخرًا على سواحل الدلتا، لكنها شددت على أن التقلبات المناخية المتزايدة أصبحت تمثل تهديدًا حقيقيًا للأمن المائي المصري.

وفي السودان، أعلنت السلطات حالة الطوارئ في بعض المناطق الشمالية بعد تزايد معدلات الفيضانات، التي أدت إلى نزوح مئات الأسر. وأكد مسؤولون أن البلاد بحاجة ماسة إلى اتفاق عادل وشفاف مع إثيوبيا حول تشغيل السد، لتجنب تكرار مثل هذه الأزمات التي تضرب المناطق الزراعية بشدة.يرى مراقبون أن ما حدث خلال الأيام الأخيرة قد يعيد الملف من جديد إلى الواجهة الدولية، خاصة مع اقتراب عقد جلسة مجلس الأمن حول التعاون في حوض النيل.

فبينما تعتبر إثيوبيا السد مشروعًا تنمويًا قوميًّا، ترى مصر والسودان أن أي تغييرات مفاجئة في تدفقات النهر قد تهدد حياة الملايين من السكان الذين يعتمدون عليه في الزراعة والشرب.وبينما تهدأ مياه النيل تدريجيًا، لا يبدو أن أمواجه السياسية ستسكن قريبًا، إذ تظل قضية السد واحدة من أكثر الملفات حساسية في إفريقيا والعالم العربي، تتقاطع فيها مصالح الدول الثلاث بين التنمية والبقاء، وبين حق إثيوبيا في الطاقة وحق مصر والسودان في الحياة.

اعلان الاتحاد
مرسيدس
Leave A Reply

Your email address will not be published.