القاهرة -نهاد شعبان:
في السنوات الأخيرة، لم تعد الوظائف التقليدية هي الحلم الأكبر لشباب هذا الجيل، فبينما كان جيل الأمس يسعى إلى الوظائف الحكومية والمكاتب الثابتة، يبحث شباب اليوم عن مجالات جديدة تواكب روح العصر وتفتح لهم أبواب الإبداع والحرية في العمل، ومن بين هذه المهن التي انتشرت بسرعة لافتة في مصر والعالم العربي، تبرز مهنة تنظيم الحفلات “Event Planning”، التي تحولت من مجرد هواية إلى مجال عمل احترافي يتطلب مهارات خاصة، ودورات تدريبية متخصصة تعرف باسم كورسات تنظيم الحفلات، فمهنة تنظيم الحفلات لم تعد مقتصرة على الأعراس أو المناسبات الاجتماعية كما كانت في السابق، بل امتدت لتشمل المؤتمرات، حفلات التخرج، أعياد الميلاد، الافتتاحات التجارية، المهرجانات، وحتى الفعاليات الثقافية والفنية، ويعمل منسق الحفلات كقائد أوركسترا حقيقي، يجمع بين الذوق الفني والتنظيم الدقيق والإدارة المالية والتواصل مع العملاء، وهذه المهنة أصبحت تجذب الشباب من الجنسين، خاصة أولئك الذين يمتلكون حسا إبداعيا وميولا فنية، حيث توفر لهم مجالا واسعا للتعبير عن أفكارهم وتحويلها إلى واقع ملموس يراه الناس في شكل حدث متكامل مليئ بالألوان والموسيقى والديكور.ونظرا لتزايد الإقبال على هذه المهنة، انتشرت في السنوات الأخيرة كورسات متخصصة لتعليم فن تنظيم الحفلات، سواء عبر مراكز تدريب محلية أو منصات إلكترونية عالمية، وتركز هذه الدورات على تزويد المتدربين بأساسيات المهنة، بدءا من التخطيط ووضع الميزانية وجدولة الوقت، مرورا بفنون اختيار الديكور والإضاءة والموسيقى، ووصولا إلى مهارات التواصل مع العملاء وإدارة فرق العمل والموردين.
وتتراوح مدة هذه الكورسات بين أسابيع قليلة إلى عدة أشهر، بحسب مستوى التدريب، كما أن بعض المراكز تمنح شهادات معتمدة تساعد الشباب على بدء مشروعهم الخاص بثقة واحترافية، حيث تقول نهى عبد الرحمن، مدربة تنظيم حفلات بإحدى الأكاديميات بالقاهرة إن:” الإقبال على الكورسات زاد جدا بعد عام 2020، خصوصا من البنات، وفيه كتير منهم بيبدأوا كهواية، لكن مع الوقت بيكتشفوا إن المهنة فيها مستقبل حقيقي ومكسب مادي جيد، خاصة لو كان عندهم ذوق وإبداع”، كما أن تنظيم الحفلات ليس مجرد ترتيب زهور أو اختيار ألوان جميلة، بل هو عمل متكامل يتطلب شخصية قوية ومهارات متعددة، ويجب على منسق الحفل أن يكون قادرا على التخطيط، وحل المشكلات، والتعامل مع الضغوط، لأن أي خطأ بسيط في التوقيت أو التنفيذ قد يفسد الحدث بأكمله، كما يحتاج المنظم إلى حس جمالي مميز يجعله قادرا على اختيار الألوان المناسبة وطريقة توزيع الإضاءة والموسيقى والديكور بما يتناسب مع طبيعة المناسبة، إضافة إلى ذلك، فإن التعامل الجيد مع العملاء يمثل حجر الأساس في نجاح العمل، فكل حفل له ذوق خاص ومتطلبات مختلفة، وعلى المنظم أن يعرف كيف يوازن بين الرغبة والميزانية والإمكانات المتاحة.ومن العوامل التي ساعدت على ازدهار مهنة تنظيم الحفلات في مصر والعالم العربي هي وسائل التواصل الاجتماعي، فمنصات مثل إنستجرام، تيك توك، وفيسبوك، أصبحت منصات عرض مفتوحة لأعمال منظمي الحفلات، حيث يقومون بنشر صور ومقاطع فيديو من أعمالهم السابقة، مما يجذب مزيدا من العملاء ويمنحهم شهرة سريعة دون الحاجة إلى إعلانات تقليدية مكلفة، وقد برزت أسماء شابة في هذا المجال بفضل انتشارهم على الإنترنت، وأصبحوا “بلوجرز” متخصصين في المناسبات، يقدمون نصائح وأفكارا جديدة للتصميم والتنظيم، مما ألهم آخرين لخوض التجربة، وتفتح مهنة تنظيم الحفلات أبوابا متعددة للعمل، سواء بشكل فردي كمستقل “Freelancer” أو من خلال شركات متخصصة، كما أن هناك فرصا للتعاون مع الفنادق الكبرى، وقاعات الأفراح، والمراكز التجارية، وشركات العلاقات العامة، وقد توسع المجال ليشمل أيضا تنظيم الفعاليات الحكومية والمعارض الدولية، وهو ما جعل الطلب على الكفاءات الشابة في ازدياد.
