قارن رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس بين صفقة شركة مايكروسوفت الضخمة لشراء شركة ألعاب، والمساعدات المقدمة من الدول الغنية للدول الفقيرة.
وأعلنت شركة “مايكروسوفت” الأمريكية نيتها الاستحواذ على شركة “أكتيفيجن بليزارد” الأمريكية العملاقة لألعاب الفيديو التي أصدرت ألعاباً واسعة الشعبية منها “كاندي كراش” و”كول أوف ديوتي” و”وورلد أوف ووركرافت”، في مقابل نحو 69 مليار دولار.
وقال رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس “أذهلني استثمار شركة مايكروسوفت 75 مليار دولار في شركة ألعاب فيديو”، مقارنة بتبرعات بلغت 24 مليار دولار فقط على مدى 3 سنوات لمساعدة البلدان الأكثر فقرا، في إشارة إلى تبرعات تقدمت بها 48 دولة غنية ومتوسطة الدخل في ديسمبر/كانون الأول.
وأضاف مالباس حول صفقة مايكروسوفت خلال نقاش في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي “عليك أن تتساءل، هل هذا هو التوزيع الأفضل لرأس المال؟”.
وتابع “يجب أن يكون هناك مزيد من تدفق الأموال والنمو في الدول النامية”. وقال “الديون المستحقة باتت مهولة”، وقد أصبحت مشكلة “مركبة”.
ودعا رئيس البنك الدولي الدول الأكثر ثراء في مجموعة العشرين إلى تقديم مزيد من إعفاءات الديون للبلدان الأقل نموا في العالم والمؤهلة للحصول على قروض بدون فوائد.
وكانت دول مجموعة العشرين قد عرضت في بدايات الجائحة على الدول الفقيرة تعليق تسديد خدمة ديونها حتى نهاية العام 2020، ومن ثم مدّدت المهلة حتى نهاية العام 2021.
وفي موازاة هذه المبادرة أنشأت في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 “إطارا مشتركا” يرمي إلى تخفيف أعباء الديون وحتى إلغاء ديون البلدان التي تطلب ذلك.
زيادة الفقر
ومطلع الأسبوع الجاري، قالت منظمة أوكسفام الخيرية في تقرير لها، إن وباء كورونا جعل أغنى أغنياء العالم أكثر ثراءً، في حين أنه جعل المزيد من الناس ينزلقون نحو الفقر، وذكر التقرير أن الدخل المنخفض لأفقر الأشخاص حول العالم، ساهم في وفاة 21 ألف شخص كل يوم.
وقال التقرير: “هذا العام، ما يحدث كان خارج التصور”، “تمت صناعة ملياردير جديد يوميا تقريبا خلال هذا الوباء. وفي الوقت نفسه، أصبح 99% من سكان العالم أسوأ حالا بسبب الإغلاق وانخفاض نسب التجارة الدولية وقلة السياحة الدولية ونتيجة لذلك، تم دفع 160 مليون شخصا إضافيا نحو الفقر”.
ثروات الأغنياء
وبحسب المنظمة فإن أغنى 10 رجال في العالم، “إيلون ماسك وجيف بيزوس وبرنارد أرنو وبيل غيتس ولاري إليسون، ولاري بيج وسيرجي برين ومارك زوكربيرج وستيف بالمر ووارن بافيت”، ضاعفوا ثرواتهم الجماعية بأكثر من الضعف منذ مارس/آذار 2020.
وعلى الرغم من أن ثرواتهم بشكل جماعي قد زادت من 700 مليار دولار إلى 1.5 تريليون دولار، إلا أن هناك تباينا كبيرا بينهم، حيث نمت ثروة ماسك بأكثر من 1000%، بينما ارتفعت ثروة جيتس بنسبة أكثر تواضعا بلغت 30%.
الافتقار للخدمات الأساسية
وأشار تقرير أوكسفام، الذي استند أيضا إلى بيانات من البنك الدولي، إلى أن الافتقار إلى الوصول إلى الرعاية الصحية والجوع والعنف القائم على النوع الاجتماعي والانهيار المناخي، ساهم أيضا في حدوث وفاة واحدة كل 4 ثوان.
وأضاف أن 160 مليون شخص يعيشون بأقل من 5.50 دولار في اليوم مما كان يمكن أن يعيشوا عليه من دون تأثير جائحة كوفيد.
ويستخدم البنك الدولي 5.50 دولار في اليوم كمقياس للفقر في البلدان ذات الدخل المتوسط الأعلى.
وأشار التقرير أيضا إلى أن الوباء يجبر البلدان النامية على خفض الإنفاق الاجتماعي مع ارتفاع الديون الوطنية، وتراجع مستوى المساواة بين الجنسين، حيث انخفض عدد النساء العاملات هذا العام بمقدار 13 مليونا مقارنة بعام 2019، وأصبحت أكثر من 20 مليون فتاة معرضات لخطر عدم العودة إلى المدرسة مطلقا
وقال التقرير: “حتى خلال أزمة عالمية، تمكنت أنظمتنا الاقتصادية غير العادلة من تحقيق مكاسب غير متوقعة للأثرياء لكنها تفشل في حماية أفقر الناس”.
ويجب أن يشمل ذلك أنظمة ضريبية أكثر تصاعدية، تفرض ضرائب أعلى على رؤوس الأموال وأصحاب الثروات، وأن يتم إنفاق الإيرادات التي يتم جنيها جراء ذلك على “الرعاية الصحية الشاملة الجيدة والحماية الاجتماعية للجميع”، بحسب سريسكاندراجاه.
ودعت أوكسفام أيضا إلى التنازل عن حقوق الملكية الفكرية للقاحات كوفيد-19 لتمكين الإنتاج على نطاق أوسع وتوزيع أسرع.
الديون
وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال رئيس البنك الدولي، إن “الديون الخارجية والداخلية في دول عدة بلغت حاليا مستويات قياسية في حين يبدأ رفع معدلات الفائدة”.
وتواجه نحو 60% من الدول المتدنية الدخل “خطرا كبيرا” للمديونية المفرطة، بحسب مالباس الذي أوضح أن “أسواقا ناشئة عدة تواجه صعوبات”.
وشدد رئيس البنك الدولي على أن خدمة الدين التي يتعين على هذه البلدان أن تسددها للجهات الدائنة الرسمية وللقطاع الخاص في العام 2022 تبلغ نحو 35 مليار دولار”، وأشار إلى أن هذه مبالغ كبيرة بالنسبة لبلدان فقيرة.
وأوصى رئيس البنك الدولي بتسريع عملية تفعيل “الإطار المشترك” لإعادة هيكلة الديون وتحسين هذه الآلية التي أطلقتها مجموعة العشرين.
وقال مالباس “نحن بحاجة إلى قواعد واضحة لتقييم وتطبيق تعامل مماثل بين كل الجهات الدائنة”.