dhl
dhl

مونيكا مارك تكتب: الأزمة الأوكرانية.. والطلاب الأفارقة العالقون

بعد ثلاثة أيام من الهجوم الروسي على أوكرانيا، كانت «زكاري أوجونوجوا» تحاول التظاهر بأن الحياة تسير كالمعتاد في قاعات جامعتها. استيقظت مبكراً، وكانت تستعد للذهاب إلى الجامعة عندما انفجرت قذيفة الهاون الأولى.
«لا أعتقد أن هناك أي شيء يجعلك متأهباً للحرب – كان الأمر كما لو أن قلبي توقف عن الخفقان، وفكرت: هل هذا حقيقي؟»، بحسب ما قالت الطالبة التي كانت تتحدث من مدينة سومي في شمال شرق أوكرانيا، على بعد 30 ميلاً فقط من الحدود الروسية.
بينما كان الطلاب المذعورون يفرون إلى الملجأ، حيث كانوا يعانقون بعضهم البعض ويحاولون التأكد مما يحدث، كانت أوجونوجوا، وهي طالبة نيجيرية في كلية الطب، تفكر في أمر آخر قاتم. نظراً لأن جامعة مدينة سوني تقع بالقرب من الدولة الغازية، فإن أقرب طرق الأمان ستكون على بعد مئات الأميال غرباً أو جنوباً إلى حدود بولندا أو مولدوفا أو المجر أو رومانيا.
وبينما بدأ هؤلاء المجتمعون في مناقشة كيفية الفرار، وذلك عبر مجموعات مخصصة للطلاب الدوليين على تطبيقات واتس آب وانستجرام – سدس طلاب الجامعة من الأجانب، وأغلبيتهم من الهند وجنوب الصحراء الأفريقية – ظهر مصدر آخر للخوف، خوف يقول عنه بعض السود إنه كان دائماً موجوداً في أوكرانيا.
استحوذت تقارير حول العنصرية ضد الفارين من الهجمات الروسية على الطلاب الذين كانوا يشعرون بخوف شديد.
ومن بين هذه التقارير إجبار أم سوداء وطفلها على التخلي عن مقاعدهما في القطار، بينما ضُرب شاب أسود بعد الانتظار لساعات في طابور في درجات حرارة تحت الصفر. ورفضت مجموعة من الطلاب الأفارقة المذعورين الدخول مراراً إلى ملاذ آمن، وعبروا مئات الأميال بحثاً عن حدود أخرى. كانت هذه من بين الروايات التي أبلغ عنها مواطنون نيجيريون لموظفي القنصلية.
ونشرت الصحف الهندية الوطنية تقارير عن طلاب قالوا إنهم تعرضوا للضرب المبرح على أيدي حرس الحدود الأوكراني والبولندي. وبدأت عشرات الحوادث المخيفة المماثلة تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي.
كانت التقارير جزءاً من سبب تردد «أوجونوجوا» في الفرار مبكراً، واختارت بدلاً من ذلك تخزين الإمدادات والاستعداد لمواجهة الوضع. والآن، بينما كان الطلاب يتهامسون فيما بينهم – هل كانت نيران الرشاشات هذه في الشوارع؟ – أدركت أنها ليس لديها فرصة للمغادرة.
بعد تسعة أيام من بدء القصف الروسي لأوكرانيا جواً وبراً وبحراً، فر أكثر من مليون شخص عبر الحدود الدولية إلى بر الأمان. ومن بين هؤلاء عشرات الآلاف من الأفارقة الذين جرفتهم الحرب بعيداً عن ديارهم.
وبينما رحبت الدول المجاورة بالذين يتدفقون على حدودها، قال الاتحاد الأفريقي يوم الاثنين إنه منزعج أيضاً من التقارير المنتشرة عن تعرض مواطنين أفارقة للضرب، أو طردهم من القطارات، أو ببساطة إنكار حقهم في عبور الحدود.
وقال الاتحاد الأفريقي في بيان: «التقارير التي تفيد بأن الأفارقة يتعرضون لمعاملة مختلفة غير مقبولة، هي تقارير عنصرية بشكل صادم وتنتهك القانون الدولي». وقد وُجهت مزاعم بسوء المعاملة ضد حرس الحدود الأوكرانيين والبولنديين والهنجاريين.
تقول أوجونوجوا: «نسمع عن العنصرية على الحدود البولندية. ونشعر، نحن الذين تم القبض عليهم هنا بالقلق من أننا قد نواجه هذه المشكلة العرقية عندما ننجح أخيراً في الوصول إلى الحدود بعد كل هذا الضغط الذي نمر به حالياً».
وأضافت أنها شعرت أن وجود مسؤولي الأمم المتحدة هو فقط الذي يضمن حقها في العبور الآمن للحدود الأوكرانية.
وفي 3 مارس، قالت نيجيريا إنها ستبدأ في إجلاء حوالي 5000 مواطن من أوكرانيا والدول المجاورة. في العقود الأخيرة، كان يُنظر إلى أوكرانيا على أنها بديل أرخص لأوروبا الغربية والولايات المتحدة، مما يجعلها وجهة شهيرة للطلاب من جميع أنحاء أفريقيا والهند. الآن، تضم المدن المحاصرة فيها حوالي 20000 طالب هندي، إلى جانب 16000 طالب من المغرب ونيجريا ومصر.
لكن الاتهامات بالعنصرية الراسخة تتعدى حدود أوكرانيا – بدءاً بالطريقة التي تنشر بها وسائل الإعلام الغربية أخبار الحرب.
تعرض بيتر دوبي، مذيع «قناة الجزيرة الإنجليزية»، لانتقادات لاستخدامه مقارنات بين العرب والشمال أفريقيين في وصفه للاجئين الأوكرانيين، واعتذرت الشبكة عن تعليقاته.
وقال «ديفيد ساكفاريليدزي»، نائب المدعي العام الأوكراني السابق: «إنه أمر مؤثر للغاية بالنسبة لي أن أرى الأوروبيين ذوي الشعر الأشقر والعيون الزرقاء يُقتلون كل يوم بصواريخ بوتين وطائراته الهليكوبتر وصواريخه».
في البداية، رفضت وزارة الخارجية الأوكرانية مزاعم العنصرية من قبل مسؤولي الحدود ووصفتها بأنها «معلومات مضللة». لكن مع استمرار زيادة عدد الحوادث المبلغ عنها – ورد الفعل العنيف الذي أعقب ذلك، والذي كان قوياً خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي – قالت وزارة الخارجية الأوكرانية في 3 مارس إنها أنشأت خطاً ساخناً للطوارئ خصيصاً للطلاب الأفارقة والآسيويين.
وأشاد «جاربا شيخو»، مستشار الرئيس النيجيري محمدو بوخاري، بـ «كرم الشعب الأوكراني» الذي يتيح حالياً لحوالي 4000 نيجيري فرصة الدراسة هناك. من ناحية أخرى، بدأت بعض الدول الأفريقية في إجلاء مواطنيها ببطء، على الرغم من أن الجهود كانت متقطعة، حيث لا تزال الأجواء مغلقة.
مع وصول الأخبار في 3 مارس عن استيلاء روسيا على أول مدينة أوكرانية كبرى، قالت «أوجونوجوا»، طالبة الطب النيجيرية، إنها وزملاءها الطلاب الأجانب شعروا بتدهور معنوياتهم.
لكن «أوجونوجوا»، التي غامرت بالخروج لفترة وجيزة إلى البلدة مرتين لتعبئة الطعام والماء، تقول إنه بينما كانت هناك معارك يومية بالأسلحة النارية بين القوات الروسية والأوكرانية، إلا أن شوارع المدينة الخالية الآن تقشعر لها الأبدان – ويعتقد كل من السكان والطلاب أن أي محاولة للفرار ستكون خطيرة للغاية. وذكرت الصحف المحلية أن الجنود الروس الجياع ينهبون المتاجر والمنازل في المنطقة.
وتضيف الطالبة النيجيرية أن أملها الوحيد هو الوصول إلى بلدة حدودية غربية بأمان بمجرد أن يهدأ القتال – وتصلي ألا يتم توقيفها بسبب لون بشرتها.

الاتحاد الإماراتية

airfrance
مرسيدس
Leave A Reply

Your email address will not be published.