الخرطوم – محمد التيجاني:
منذ أن أقر البنك المركزي السوداني في 7 مارس/آذار 2022 توحيد سعر صرف العملة المحلية، والجنيه في هبوط مستمر وكأنه في سباق الانهيار.
أدنى مستوى تاريخي للجنيه السوداني
عند افتتاح تعاملات يوم الأربعاء 23 مارس 2022، هبط الجنيه إلى أدنى مستوى تاريخي مقابل العملات الأجنبية في تعاملات السوق الموازي تزامنًا مع غياب البنك المركزي والذي اختفى بعد قرار تعويم الجنيه السوداني.
الانهيار الجديد بدأ مساء الثلاثاء 22 مارس، حينما قرر تجار العملة بيع الدولار الأمريكي بمبلغ 700 جنيه بينما كان حينها البيع ما بين 675-680 جنيهًا.
وكشفت مصادر محلية حدوث تخبط كبير وارتفاع متسارع في الأسواق الموازية قادت إلى حدوث شلل في التداولات خاصة أن غالبية تجار العملة أحجموا عن بيع العملات واكتفوا بعمليات الشراء.
وقفزت أسعار الدولار الأمريكي صباح الأربعاء ليبلغ متوسط سعر العملة الصعبة الخضراء 690 جنيهًا مقابل سعر بيع 700 جنيه (متوسط ) في السوق الموازي على الرغم من امتناع عدد من تجار العملة بيع الدولار حيث تجاوز بيعه عند بعضهم مبلغ 710جنيهًا، أما سعر صرف الدولار لدى البنوك فارتفع أيضا ما بين 635-625 جنيهًا وسط توقعات أن تتغير تلك الأسعار في منتصف تعاملات اليوم الأربعاء.
1000 جنيه سوداني للدولار الواحد.. بالأفق
بحسب صحف محلية، يتوقع التجار مواصلة انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار خلال الفترة المقبلة، حتى وصول سعر الصرف إلى ألف جنيه مقابل واحد دولار أمريكي.
الوضع المزري الذي آلت إليه العملة المحلية السودانية حاولت الحكومة معالجته والخروج من غياهب تداعياته، حينما أقرت تعويمًا جزئيًا في فبراير 2021، في ظل ارتفاع غير مسبوق للتضخم وأزمات الاقتصاد المتفاقمة، حينها جرى تداول الدولار مقابل 375 جنيهًا، لكن اليوم وبعد مرور عام وبعد تعويم جديد بلغ سعر العملة الأمريكية مقابل المحلية مستوى الـ700 جنيهًا، والتوقعات السلبية بتجاوز ذلك المستوى في تصاعد.
ربما ما يحدث اليوم هو نتاج دخول السودان مجددًا نفق المجهول منذ اضطرابات 25 أكتوبر 2021، رغم بعض القرارات الإصلاحية منذ مطلع عام 2022، لكنها تحمل صعاب وأعباء إضافية للمواطن كونها متمثلة في تقليص الدعم.
مخاوف من كارثة اقتصادية
قرار المركزي السوداني الأخير مطلع مارس الجاري بتحرير سعر صرف الجنيه السوداني مقابل الدولار، وإخلاءه مسؤوليته عن تحديد السعر لتقوم المصارف وشركات الصرافة بإعلان أسعار بيع وشراء العملات الحرة دون تدخل “المركزي” سيدفع نحو المزيد من الانفلات في أسعار الصرف ومستويات التضخم التي بلغت 258.40% في فبراير 2022 على أساس سنوي.
محمد شيخون، أستاذ الاقتصاد في الجامعات السودانية، قال لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن الخطوة ستؤدي إلى مزيد من الانفلات في أسعار الصرف ورفع معدلات التضخم المتفاقمة أصلًا.
ورأى شيخون أن فقدان السودان لقنوات التواصل مع مجتمع المال الدولي، إضافة إلى تراجع الإنتاج واعتماد الأسواق على الواردات لتغطية أكثر من 90% من احتياجاتها، والتناقص الكبير في تحويلات المغتربين، جميعها عناصر تعزز توقعات المزيد من التراجع في قيمة الجنيه.
وفي ذات السياق، يشير الخبير المصرفي عوض عثمان، إلى العديد من المشكلات الهيكلية المتعلقة بوضع الاقتصاد السوداني في الوقت الحالي.
ويقول عثمان، إن السياسات الجديدة لن تؤد إلى تحسين وضع الجنيه بسبب فقدان البلاد للقدر اللازم من احتياطيات النقد الأجنبي.
ويعاني الاقتصاد السوداني من أزمات كبيرة بعد التدهور الذي طال كافة القطاعات بسبب الفساد الذي استشرى خلال فترة حكم المخلوع عمر البشير التي استمرت منذ 1989 وحتى الإطاحة به في ثورة شعبية في أبريل 2019.