باريس – رشيد العربي:
يدافع إيريك زمور، المرشح اليميني المتطرف عن ما اسماه مصطلح “الاستبدال الكبير”، والذي يعني – وفق وصفه- عملية ممنهجة من أجل استبدال المواطنين غير البيض والعرب في فرنسا، بمهاجرين من ذوي البشرة البيضاء.
وهدف إيريك زمور،بقول إن” ٢٢ % من المواليد الجدد في فرنسا يحملون أسماء إسلامية بدلا من نسبة ١ % في عام ١٩٦١”، إخطار الفرنسيين بأن هناك تغيير ديمغرافي على بنية المجتمع الفرنسي، بحسب مراقبين.
لكن ما قاله مرشح اليمين المتطرف يكشف أنها “كذبة” يرمي بها بهدف تبنى المجتمع الفرنسي أطروحة “الاستبدال العظيم”.
حديث زامور تم تكذيبه أيضا من قبل المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية، حين أعلن أنه لم يجري أي إحصائيات حول أسماء أبناء المسلمين، لأن القانون الفرنسي يمنع الإحصائيات العرقية والدينية.
ومنذ عامين كانت المتحدثة الرسمية باسم الحكومة الفرنسية قد ألمحت إلى ضرورة إدراج العمل بما يسمى بـ”الإحصاءات العرقية”، على نحو يشبه ما هو متبع في الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي قوبل بانتقادات سياسية واسعة.
والحكام الحاليون في فرنسا لا يشجعون المقاربات الإحصائية لأن ذلك سيثير مسألة التصنيف، وأن هذه الفكرة تنطوي على مخاطر أكثر من الفوائد وتتناقض مع المواطنة التي تلغي كل الانتماءات الدينية والعرقية، بحسب مراقبين.
ولذلك فمن المستحيل إيجاد دراسات أو مقالات تفيد مثلا بعدد المسلمين أو بعدد الجالية المسلمة في فرنسا، كما لاتوجد مقالات بعدد الجالية اليهودية أو عدد المسحيين الكاثوليك أو البروتسانت.
ومن هذا المنطلق فإن غياب الإحصائيات الدقيقة عن عدد العرب أو المسلميين في فرنسا، يصعب من مهمة معرفة التوجهات الأساسية للناخب المسلم الفرنسي في هذه الاستحقاقات، رغم بعض الكتابات التي أجمعت أن نسبة المسلمين في فرنسا تمثل ١٠% من السكان.
وأمام تركيز اليمين المتطرف في الانتخابات الرئاسية الفرنسية على قضايا الإسلام والمهاجرين واستبدالهم فإنه من المفترض أن تتوجه أصوات الناخبين المسلمين أساسا إلى تيار اليسار.
وعلى الرغم من أن المسلمين يشكلون جزء لا يستهان به في المجتمع الفرنسي، إلا أنهم قرروا الامتناع لسنوات عن التصويت.
وطبقا لأحاديث مجموعة من العرب والمسملين في فرنسا فإن السبب يعود إلى سنوات التسعينات حيث “نشر المتطرفون فكرة بأن التصويت حرام”.
ومن جانبه، دعا الشيخ عزالدين قاسي، إمام المسجد الكبير عثمان بمدينة فيل “أوربان” وهو إحدى الشخصيات الإسلامية النافذة في فرنسا، الجالية المسلمة لتحفيزها على التصويت يوم الأحد المقبل في الإنتخابات الرئاسية الفرنسية.
وقال الشيخ قاسي إن التصويت “ليس حراما وهو ضرورة شرعية وواجب مدني”.
أما نبيل جويري، مواطن فرنسي من الجالية الاسلامية في فرنسا، فقال إن: “الجالية المسلمة لا تصوت لأنني أعتقد أن السبب يرجع لفترة التسعينيات، إذ كانت هناك صورة خاطئة وممثل عن المسلمين أخبرنا أنه ممنوع التصويت، وأن المسلمين ليس لديهم الحق في التصويت في بلد غير مسلم ولا ينتمي إلى معتقداتهم”.
وأضاف جويري:”لذلك كانت مشكلة بالفعل في التسعينيات وأصبحت دائمة. واليوم، إذا ذهبت إلى شاب مهاجر بالإضافة إلى المعتقدات الإسلامية، فسأقول لك مرة أخرى، سيقول لا، أنا لا سأصوت”.
وتابع:”لقد واظب المسلمين لفترة طويلة ينظرون إلى الانتخابات من هذا المنظور، وهو أمر مثير على أي حال”، موضحاً أنهم يقولون أنهم “يتوكلون على الله، لكن الله، لم يقل أن يترك الآخرين يفكرون فيك ويعملون ويفكرون من أجلك”.
ورأى جويري:” نحتاج إلى التوقف عن إضاعة الوقت، لأنه منذ التسعينيات، إذا استثمرنا، في قضية الهجرة في السياسة، فربما سيكون لدينا اليوم رئيس مهاجر”.
وأكد جويري أنه سيصوت في الانتخابات، قائلا:”لدي حق يجب استخدامه والاستفادة منه لأن هناك دولًا أخرى لا تُمنح فيها الفرصة للتصويت، لذلك أعتقد أن الجميع يجب أن يذهبوا ويصوتوا”.
من جانبه، قال الأحمر عبد القادر، معلم وعضو بلجنة “لنهتم”، إنه:”صحيح إننا اليوم ممتنعون عن التصويت الاقليمي، موضحاً أن “ذلك الامتناع يرجع إلى فقدان حقيقي للثقة في السياسة”.
وأضاف:”عندما نطلب منهم بعد ذلك الذهاب للتصويت يقولون لماذا يصوتون؟.. لأن جميع القرارات تتخذ ضدنا. لذلك ربما يجب على السياسيين أن يتعلموا البناء مع السكان”.
وتابع عبد القادر:” أنا جزء من مجموعة تسمى “نحن نشارك” أو بالتحديد للانتخابات الرئاسية، نريد تشجيع الناس على الذهاب والتصويت اليوم، يعتقد السياسيون أن هناك تصويت الجاليات. تصويت الجاليات الدينية غير موجود”.
وانطلقت، الإثنين الماضي، الحملة الانتخابية للانتخابات الرئاسية الفرنسية المقررة في 10 أبريل/نيسان الجاري، في سباق يشهد منافسة بين 12 مرشحا، في مقدمتهم ماكرون، ولوبان مرشحة “التجمع الوطني”، إضافة إلى كل من مرشحة اليمين الجمهوري فاليري بيكريس، ومرشحة الحزب الاشتراكي آن هيدالغو، ومرشح “فرنسا الأبية” جان لوك ميلنشون.
ويرى مراقبون أن حرب أوكرانيا رفعت أسهم ماكرون باستطلاعات الرأي، ورأبت صدعا قاتلا لحق بشعبيته بسبب العديد من الملفات الداخلية، وهذا ما يجعله المرشح الأوفر حظا بتصدره استطلاعات الرأي لنوايا التصويت.
ووفق استطلاع أجرته مؤخرا مؤسسة “إيلاب”، حصل ماكرون على 28 % من نوايا التصويت (+0,5 نقطة) في الجولة الأولى التي سيتصدرها، مع أن الفجوة مع لوبان ستضيق بسبع نقاط في الجولة الثانية لتحصل المرشحة على 47,5 % من الأصوات.