تعيش منطقة شرق أوكرانيا على صفيح ساخن استعدادا لمعركة كبرى بعد إعلان روسيا تغيير استراتيجيتها وتركيزها على تحرير إقليم دونباس بعد تنفيذ المهام الرئيسية للمرحلة الأولى من العملية.
وقالت كييف إنها تتوقع حدوث هجوم وشيك على المنطقة الحدودية مع روسيا والتي يسيطر انفصاليون مقربون من موسكو على جزء منها منذ سنة 2014.
وهو ما أكده المتحدث باسم وزارة الدفاع الأوكرانية أولكسندر موتوجيانيك بقوله إن “العدو أنهى تقريبا استعداده لمهاجمة شرق البلاد”.
وبانتظار الهجوم الروسي، انشغل جنود أوكرانيون وعناصر من مجموعات الدفاع عن الأراضي الأحد في تحصين مواقعهم وحفر خنادق جديدة في منطقة بارفينكوف الريفية في شرق البلاد. وقد زرعت الألغام على جنبات الطرق ونصبت عوائق مضادة للدروع عند كل مفترقات الطرق الرئيسية.
فيما تصطف العائلات الأوكرانية في طابور عند مدخل محطة كراماتورسك المركزية للقطارات منذ أيام والبعض منهم ودّعوا أحباءهم الذين بقوا خلفهم.
وفي واشنطن، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أن القوات الروسية تعزز صفوفها حول دونباس، خصوصا قرب مدينة إزيوم الاستراتيجية، لكنها لم تبدأ بعد هجومها لبسط سيطرتها الكاملة على هذه المنطقة الواقعة في شرق أوكرانيا.
وقال المتحدث باسم البنتاغون، جون كيربي، للصحفيين “إنهم يعيدون تنظيم مواقعهم، ويركزون على دونباس”، مؤكدا أن ماريوبول “لا تزال مدينة متنازعا عليها” رغم أن سقوط هذه المدينة الاستراتيجية يبدو وشيكا.
كما حذرت بريطانيا، الثلاثاء، من أن القتال في شرق أوكرانيا سيشتد خلال الأسبوعين أو الأسابيع الثلاثة المقبلة.
وقالت المخابرات العسكرية البريطانية إن “الهجمات الروسية لا تزال تركز على المواقع الأوكرانية القريبة من دونيتسك ولوهانسك مع حدوث مزيد من القتال حول خيرسون وميكولايف وتجدد التحرك نحو كراماتورسك”.
وذكر التقرير أيضا أن القوات الروسية تواصل الانسحاب من بيلاروسيا من أجل إعادة الانتشار لدعم العمليات في شرق أوكرانيا.
ووفق محللين فإن روسيا تستهدف السيطرة على شرق أوكرانيا قبيل احتفالات 9 مايو/أيار لتحقيق انتصار معنوي ورفع الروح المعنوية لجنودها وهو ما استعدت له موسكو عبر عدة خطوات على الأرض كان بينها ما كشفته وسائل إعلام غربية عن تعيين الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، جنرالا جديدا لقيادة الحرب في أوكرانيا وكذلك نقل معدات ولوجستيات والاستفادة من أخطائها في شمال أوكرانيا.
و9 مايو/أيار هو عطلة بارزة في التقويم الروسي، وهو اليوم الذي تحتفل فيه البلاد باستسلام النازيين في الحرب العالمية الثانية باستعراض ضخم للقوات والأسلحة عبر الميدان الأحمر أمام الكرملين.
ماريوبول الاستراتيجية
وبعد نحو شهر من حصار روسيا لمدينة ماريوبول، شرقي أوكرانيا، عبر معارك مستمرة وقصف متواصل حتى باتت أحد أكثر ساحات المعارك سخونة، باتت المدينة على وشك السقوط الكامل بيد الروس وهو ما سيكون بمثابة دفعة نحو بدء المعركة الطبرى في الشرق كونها تخلق ممرا بين شبه جزيرة القرم وإقليم دونباس، وكذلك تمكن روسيا من خنق اقتصاد كييف.
وتستمد ماريوبول، وهي ثاني أكبر مدن دونيتسك التي اعترفت روسيا باستقلالها هي ولوهانسك في فبراير الماضي، أهميتها الاستراتيجية من موقعها الجغرافي، فهي عبارة عن أكبر ميناء على بحر آزوف المتصل بالبحر الأسود عبر مضيق كيرتش.
يأتي هذا فيما اتهمت كتيبة “آزوف” الأوكرانية، القوات الروسية، باستخدام أسلحة كيميائية في مدينة ماريوبول الساحلية، وذكرت الكتيبة مساء الإثنين على تليجرام أنه تم إلقاء مادة مجهولة من طائرة بدون طيار فوق المدينة، بحسب قولها، فيما لم تعلق روسيا رسميا حتى الآن.
فيما أبلغ إدوارد باسورين أحد قادة الانفصاليين الموالين لروسيا وكالة إنترفاكس للأنباء اليوم الثلاثاء بأنهم لم يستخدموا أسلحة كيماوية في محاولاتهم للسيطرة الكاملة على مدينة ماريوبول.
واعتبرت مصادر عسكرية أن احتمال استخدام روسيا للأسلحة الكيماوية “مرتفع جدا”ـ ووفقا لكتيبة آزوف، كان الضحايا يعانون من صعوبات في التنفس واضطرابات في الحركة.
وفي هذا السياق، أعلنت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس، الإثنين، أنّ بلادها تتحقّق من صحّة معلومات عن استخدام القوات الروسية أسلحة كيماوية في هجوم شنّته على مدينة ماريوبول الأوكرانية المحاصرة.
وكتبت تراس في تغريدة عبر “تويتر “: “هناك تقارير مفادها أنّ القوات الروسية قد تكون استخدمت “عوامل كيميائية” في هجوم على سكّان ماريوبول. نعمل بشكل عاجل مع الشركاء للتحقّق من التفاصيل”.
وشدّدت الوزيرة على أنّ “أيّ استخدام لمثل هذه الأسلحة سيشكّل تصعيداً وحشياً في هذا النزاع، وسنحاسب (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين ونظامه”.
دونباس البداية
والإثنين، كشف رئيس جمهورية الشيشان، رمضان قديروف، عن خطة وأولويات الجيش الروسي في أوكرانيا خلال الفترة المقبلة.
وقال قديروف، في تسجيل مصور بث على قناته على تيليجرام، إن القوات الروسية ستهاجم مدينة ماريوبول الساحلية المحاصرة وكذلك العاصمة الأوكرانية كييف وغيرها من المدن.
وأضاف: “سيكون هناك هجوم.. ليس على ماريوبول فحسب ولكن أيضا على أماكن ومدن وقرى أخرى (في أوكرانيا)”.
وتابع: “سنحرر لوهانسك ودونيتسك بالكامل في المقام الأول.. ثم نستولي على كييف وجميع المدن الأخرى”.
واليوم الثلاثاء، قالت وزارة الدفاع الروسية إن صواريخها دمرت مستودعات ذخيرة في منطقتي خميلنيتسكي وكييف بأوكرانيا.
وأضافت الوزارة أن القوات الروسية قصفت مستودعا للذخيرة وحظيرة طائرات في قاعدة ستاروكوستيانتينيف الجوية فضلا عن مستودع للذخيرة بالقرب من هافريليفكا شمالي العاصمة الأوكرانية كييف.