dhl
dhl

مقترح لتعيين مبعوث أممي أفريقي لليبيا.. هل يصلح للمهمة “الشاقة”؟

بعد عشرية من الصراعات مزقت أوصال ليبيا، لا يزال البلد الأفريقي يئن تحت وطأة اضطرابات سياسية واقتصادية قد تعيده مجددًا إلى مربع العنف.

تلك الاضطرابات كانت حكومة عبدالحميد الدبيبة “المقالة” أحد أسبابها الرئيسية، بعد أن رفضت تسليم السلطة للحكومة التي منحها البرلمان ثقته قبل قرابة 70 يومًا، مما أدخل البلد الأفريقي في أتون صراع جديد، أدى لتوقف قرابة نصف صادرات النفط، ودفع بالمليشيات المسلحة إلى ساحة المواجهة مرة أخرى.

في موازاة ذلك، كانت ليبيا على موعد مع صراع من نوع آخر، يتمثل في تنافس الدول ذات التأثير في “الملف الشائك”، على تعيين مبعوث أممي جديد بديلا عن مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني ويليامز، والتي أثارت الكثير من الجدل، حول طريقة إدارتها للأزمة الليبية.

مبعوث جديد

ورغم أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة جدد الأسبوع الماضي، بالإجماع تفويض بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، تنتهي في 31 يوليو/تموز المقبل، إلا أنه دعا إلى تعيين ممثل جديد على وجه السرعة في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا.

ذلك المطلب نادت به روسيا، التي سعت منذ فترة لإقالة المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، الأمريكية ستيفاني ويليامز، وتعيين رئيس جديد لبعثة الدعم مرحب به من قبل موسكو، بحسب مصادر غربية.

خلافات بمجلس الأمن

وقالت مصادر لوكالة نوفا الإيطالية إن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لليبيا ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا سيكون أفريقياً، مؤكدة أنه «إذا لم يحدث شيء في غضون ثلاثة أشهر، وهو أمر ممكن، فسنذهب إلى تأجيل فني جديد قصير الأجل أو إلى حل البعثة».

وكانت جلسة مجلس الأمن في فبراير/شباط الماضي التي مددت مهمة البعثة، شهدت خلافات بين روسيا والولايات المتحدة حول البعثة الأممية، وبينما اشترطت موسكو تعيين مبعوث أممي جديد إلى ليبيا، تمسكت واشنطن ببقاء الأمريكية ستيفاني وليامز على رأس هذه البعثة بالإنابة.

وتقدمت روسيا بمشروع قرار ينص على أن يُسمي الأمين العام مبعوثًا دون مزيد من التأخير، كما ينص على تمديد ولاية البعثة حتى 30 أبريل/نيسان الجاري فقط -ريثما يتضح وفقاً لموسكو- الوضع السياسي في ليبيا.

انعكاس للتدخلات

وهددت موسكو حينها باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار الأساسي الذي كان مقترحاً، وفيما كان مرجحا أن يواجه قرار مضاد فيتو أمريكي، قبلت الأطراف في نهاية المطاف بالحل الوسط.

وتعقيبا على ذلك، قال المحلل السياسي الليبي أحمد المهدوي إنه لا فرق بين إذا كان المبعوث أفريقيًا أو من أي جنسية، وخاصة أن البعثة الأممية ترأسها في وقت سابق مبعوثان عربيان، لم يشكلا أي فرق.

دول نافذة

وأوضح المحلل السياسي الليبي أن البعثة الأممية ما هي إلا انعكاس لتدخلات دول نافذة في الملف الليبي في كواليس مجلس الأمن، مشيرًا إلى أن أي مبعوث أممي جديد يسير على خطى الذي سبقه.

ورغم أنه قال إن المجتمع الدولي لا يشغله الملف الليبي بالدرجة المطلوبة؛ لانشغاله بالأزمة الأوكرانية، إلا أنه أكد أن اختيار مبعوث خاص من أفريقيا جاء نتيجة لرفض روسيا لأي مبعوث تختاره الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.

ضغط مصري أفريقي

وأشار إلى أن استبدال ويليامز، قد يكون نتيجة ضغط مصري – أفريقي، لكن في الإطار العام لن يشكل نقطة تحول في الملف الليبي، ما لم يكن هناك إرادة دولية جادة لحل الأزمة.

وأكد أن الدور الأفريقي غائب عن كل قضايا القارة وليس ليبيا فقط، وخاصة وأن الاتحاد الأفريقي فقد قوته بعد انهيار نظام معمر القذافي، مشيرًا إلى أن الأزمة الليبية متشابكة ليس من السهل على أي مبعوث تفهمها بسهولة، لكن التحدي الأكبر الذي سيواجه أي شخصية قادمة هو الوضع الأمني والانقسام السياسي.

من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي، كامل المرعاش، إن أي اقتراح بتعيين مبعوث أممي جديد إفريقيا، لن يرى النور، بسبب ما وصفه بـ«تصلب» الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا التي لا تريد أي تغيير وبقاء ستيفاني ويليامز مهيمنة على الملف الليبي، مؤكدًا أن أي قرار حول ليبيا في مجلس الأمن لن يمر بسهولة، وخاصة بسبب حالة الانقسام الشديد.

أساليب الهيمنة

وحول الدور الذي يمكن أن يلعبه أي مبعوث أفريقي، قال المحلل الليبي، إنه لن يستطيع تقديم أي جديد إلا إذا كان شخصية قوية، “تفصح علنا عن كل أساليب الهيمنة التي تمارس من اجل استمرار الفوضى التي ترعاها بعض الأطراف الدولية والإقليمية في ليبيا”.

أما على مستوى الفعل الحقيقي فلن يستطيع فعل شيء؛ لأنه يفتقد للأدوات المناسبة والتي يحتكرها سفراء ومبعوثو الدول الغربية في ليبيا، “والذين هم وراء الفوضى والعنف والدمار في ليبيا”، بحسب المحلل الليبي.

غياب أفريقيا.. لماذا؟

أما عن سبب غياب الدور الأفريقي عن ليبيا، فأكد المرعاش، أن أفريقيا قارة “ممزقة” سياسيًا وأمنيًا ولا تستطيع لعب أي دور فاعل حتى في قضاياها الداخلية، مشيرًا إلى أنها لن تستطيع الوقوف أمام أمريكا وأوروبا وخاصة في الملف الليبي الذي يجمع كل الفرقاء الإقليميين والدوليين في تنافس محموم.

وأشار إلى أن هناك تحديات ستواجه المبعوث الأممي الجديد -إن جرى تمرير المقترح- أبرزها صعوبة تحقيق مصالحة بين الفرقاء الليبيين بفعل التدخلات الإقليمية، مؤكدًا أنها “مهمة مستحيلة” لأي إفريقي أن يتولى هذا “الدور الشاق”.

وسيكون مقترح تعيين مبعوث أممي أفريقي –حال اعتماده والشخصية التي سيقع عليها الاختيار- أول مبعوث لليبيا من القارة السمراء، بعد 7 شخصيات تولوا ذلك المنصب بشكل رسمي، بينهم ثلاثة عرب وهم وزير الخارجية الأردني الأسبق عبد الإله الخطيب، والأكاديمي ووزير الإعلام اللبناني الأسبق طارق متري، والسياسي اللبناني غسان سلامة.

airfrance
مرسيدس
Leave A Reply

Your email address will not be published.