باريس – رشيد العربي:
تعايش اضطراري بين الرئيس الفرنسي وأحد أطراف الخارطة السياسية من الأحزاب الراديكالية، قد تفرضه نتائج الانتخابات التشريعية الفرنسية.
“مساكنة” سياسية قد تكسر مجددا قاعدة الصلاحيات الواسعة التي منحتها معظم الاستحقاقات البرلمانية لرئيس الجمهورية، حيث تأتي النتائج بأغلبية موالية له تمنحه الهيمنة في الجمعية الوطنية، الغرفة الثانية بالبرلمان الفرنسي.
غير أن تلك القاعدة لم تخرق إلا مرتين في تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة (منذ 1958)، الأولى في 1986 حين أخفق الحزب الاشتراكي في الحصول على أغلبية نيابية تساند الرئيس حينها فرانسوا ميتران، فاضطر لتعيين زعيم يمين الوسط جاك شيراك رئيسا للحكومة.
أما الثانية فكانت في 1997، لكن حدثت بصورة عكسية، حيث فاز حزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية (يمين الوسط) بالأغلبية في الاقتراع المقام آنذاك، فكان على شيراك الذي انتخب رئيسا تعيين زعيم الحزب الاشتراكي (يسار الوسط) ليونيل جوسيان رئيسا للحكومة.
واعتبارا من منتصف يوم أمس الجمعة، بدأ الفرنسيون المقيمون بالخارج والمسجلون على القوائم الانتخابية التصويت عبر الإنترنت في الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية، التي يتنافس فيها 150 مرشحا عبر 11 دائرة انتخابية.
ويستمر التصويت حتى الأربعاء المقبل، في آلية مسموح بها فقط للفرنسيين الذين يعيشون خارج الأراضي الفرنسية، وللانتخابات التشريعية والقنصلية فقط.
وبعد أن أدلى الفرنسيون بأصواتهم في انتخابات رئاسية أفرزت فوز إيمانويل ماكرون بولاية ثانية، يدعون في 12 و19 يونيو/حزيران المقبل إلى مراكز الاقتراع لاختيار ممثليهم في الجمعية الوطنية، وعددهم 577.
استقطاب أم مساكنة؟
تكتسي الانتخابات التشريعية الفرنسية أهمية محورية فيما تظل نتائجها مفتوحة على جميع السيناريوهات المحتملة، وسط مخاوف من عزوف الناخبين، لكن في كل الأحوال يرى محللون أن ما ستفرزه قد يؤدي إلى أحد الأمرين، إما استمرار ما بات يعرف بشبه التقليد وهو حصول حزب الرئيس على أغلبية برلمانية تمنحه صلاحيات واسعة وأريحية في الحكم، أي استمرار حالة استقطاب سياسي بمحافظته على الأغلبية النيابية.
وإما أن النتائج قد تفتح الأبواب أمام أحد الأطراف الراديكالية بالخارطة السياسية الفرنسية، اليمين المتطرف أو اليسار الراديكالي، في حال تشكيل مارين لوبان أو جان لوك مبلانشون الحكومة المقبلة، ما يعني أن رئيس التشكيلة الوزارية ستتم تسميته بتزكية “إجبارية” من أحدهما.
طرح تدعمه الفجوة الحاصلة بالمشهد الفرنسي جراء تصاعد شعبية الأحزاب الراديكالية سواء من اليمين أو اليسار، مقابل تراجع مهول للأحزاب المعتدلة (الاشتراكي والجمهوريين) والتي تمثل يسار الوسط ويمينه.