الرياض – سلطان الرمالي:
انطلقت أكبر مناسك للحج منذ تفشي جائحة كورونا في السعودية رسميا الأربعاء، وتستمر حتى الثلاثاء المقبل الموافق الثالث عشر من ذي الحجة.
وأدى مئات الآلاف من المصلين الأربعاء “طواف القدوم” حول الكعبة المشرفة في مدينة مكة المكرمة، وبدأ حجاج بيت الله الحرام التوافد على مشعر منى منذ صباح الخميس.
وسمحت السلطات لمليون مسلم تلقوا لقاحات مضادة لفيروس كورونا، بينهم 850 ألفا أتوا من الخارج، بأداء فريضة الحج هذا العام بعد عامين من تقليص الأعداد بشكل كبير بسبب الوباء.
وكان كثيرون اختاروا القيام بالطواف قبل الموعد الرسمي لبدء المناسك، وفضّل غالبيتهم عدم وضع الكمامات الواقية مع أنّ السلطات قالت إنها إلزامية داخل المسجد الحرام.
وسار مصلّون بملابس الإحرام البيضاء ونساء ارتدت بعضهن عباءات ملونة، جنبًا إلى جنب على الأرضيات البيضاء بالقرب من الكعبة.
خارج المسجد الحرام، صلى مئات الحجاج والسكان الذين لا يؤدون مناسك هذا العام في الشوارع تحت أنظار رجال الشرطة.
وعلى بعد أمتار قليلة، كان حجاج يستريحون على الأرضيات الرخامية لمدخل مركز التسوق أثناء انتظارهم لحلول موعد الصلاة التالية.
وتم رش المياه من أعمدة طويلة في أحد الشوارع للتخفيف من وطأة الحرارة، ولم يتم الإبلاغ عن أي حوادث في اليوم الأول من المناسك.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن الحاجة المصرية فاتن عبد المنعم (65 عاما)، وهي أم لأربعة أطفال، قولها: “كل شيء يسير على ما يرام حتى الآن. لقد تحركت كثيرا ورأيت أن القواعد يتم احترامها، وآمل أن يبقى على هذا النحو.
أصغر من الأوقات العادية
الحج هذا العام، الذي جرى اختيار المشاركين فيه بالقرعة، هو أكبر بكثير من الموسمين السابقين في عامي 2020 و2021 ولكنه لا يزال أصغر من الأوقات العادية.
ففي عام 2019، شارك نحو 2.5 مليون مسلم من جميع أنحاء العالم في مناسك الحج السنوية وهو واحد من أركان الاسلام الخمسة وفريضة لا بد للمسلمين القادرين من تأديتها مرة واحدة على الأقل في حياتهم.
لكن بعد ذلك، أجبر تفشي فيروس كورونا السلطات السعودية على تقليص أعداد الحجاج بشكل كبير، فشارك 60 ألف مواطن ومقيم في المملكة تم تطعيمهم بالكامل في عام 2021 في مقابل بضعة آلاف في عام 2020.
مشعر منى
وانتقل الحجاج صباح الخميس إلى مشعر منى، قبل المناسك الرئيسية وهي صعود جبل عرفات، وكانت السلطات تضع الأربعاء اللمسات الأخيرة على خيم الحجاج البيضاء.
وأفادت الشريعة السمحة بأن قدوم الحجاج المقرنين أو المفردين بإحرامهم إلى منى يوم التروية والمبيت فيها في طريقهم للوقوف بمشعر عرفة سنة مؤكدة.
ويحرم المتمتعون المتحللون من العمرة من أماكنهم سواء داخل مكة أو خارجها، حيث يبقى الحجاج بها إلى ما بعد بزوغ شمس التاسع من ذي الحجة، يتوجهون بعدها للوقوف بعرفة (الوقفة الكبرى)، ثم يعودون إليها بعد “النفرة” من عرفة والمبيت بمزدلفة لقضاء أيام (10 – 11 – 12 – 13) من ذي الحجة، ورمي الجمرات الثلاث جمرة العقبة والجمرة الوسطى والجمرة الصغرى إلا من تعجل، وذلك لقوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ}.
ويقع مشعر منى بين مكة المكرمة ومشعر مزدلفة على بعد 7 كيلومترات شمال شرق المسجد الحرام، وهو حد من حدود الحرم تحيطه الجبال من الجهتين الشمالية والجنوبية، ولا يُسكَن إلا مدة الحج، ويحَدُّه من جهة مكة جمرة العقبة، ومن جهة مشعر مزدلفة وادي “محسر”.