منعطف يدخله لبنان مع انطلاق المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد يطلق العد التنازلي لرحلة البحث عن رئيس توافقي لكن بشروط.
فعلى مسافة 60 يوما من مغادرة الرئيس اللبناني ميشال عون القصر الجمهوري، بدأت كتل نيابية مستقلة تحركات مكثفة للبحث عن “رئيس توافقي” بعيد عن فريق 8 آذار وحلفائه؛ لإنقاذ البلاد من شبح الفراغ الرئاسي.
وقبل يومين، أي عشية دخول لبنان المهلة الدستورية للاستحقاق الرئاسي، وبدء مرحلة العد العكسي لانتهاء ولاية عون في 31 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، يبدو المشهد ضبابيا على مستوى الترشيحات لهذا الاستحقاق.
بيد أن كتلة “نواب التغيير” (15 نائبا) قررت إطلاق مبادرة رئاسية إنقاذية من أجل قطع الطريق على وصول مرشح من حزب الله للقصر الجمهوري.
وفي تفاصيل المبادرة، قال النائب عن الكتلة، وضاح الصادق، في تصريح خاص من بيروت لـ”العين الإخبارية”، إن أساس المبادرة الرئاسية “الإنقاذية تتمثل في ضرورة أن نجد رئيسا توافقيا تقبل به معظم الأطراف؛ ونؤمن به النصاب القانوني لانتخاب رئيس خلال المهلة الدستورية، وليس من فريق 8 آذار وحلفائه”.
وأوضح الصادق أن هناك 3 نقاط أساسية بالمبادرة التي سيتم طرحها؛ تتمثل، أولا في لبننة الاستحقاق الرئاسي أي جعله لبنانيا صرفا في إشارة إلى ولاء حزب الله لإيران.
وثانيا؛ يضيف، “أن يكون الرئيس توافقا، ولكن يستوفي الشروط والمعايير والمواصفات التي نعتقد أنها المناسبة لقيادة لبنان خلال المرحلة المقبلة، أما ثالثا فهو الانفتاح على جميع الكتل النيابية، والاجتماع معها، مهما كان توجهها السياسي”.
وأبرز النائب عن كتلة نواب التغيير أنه “عقب انطلاق المبادرة، سيكون هناك سلة أسماء تحمل 3 مرشحين أو 4، نعتقد أنهم يستوفون الشروط، وسنبدأ مع الكتل وندرس إمكانية الوصول لاسم موحد أو اسمين نتفق عليها”.
وشدد “الصادق” على رفض أي مرشح من فريق من 8 أذار، قائلا إن “التحالف الثلاثي المكون من حزب الله وحركة أمل والتيار الحر أوصل البلاد لمرحلة الانهيار الكامل، ولا يمكن تكرار هذه المرحلة”.
وفي هذا الصدد، لم يستبعد النائب اللبناني اللجوء إلى خيار إفقاد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية نصابها القانوني، مؤكدا أن “الأمر وارد ومطروح لكن لا زال بعد قيد المشاورات”.
توازنات هشة
وفي ظل التوازنات الهشة داخل المجلس النيابي، المنبثقة عن الانتخابات البرلمانية التي جرت في مايو/ أيار الماضي، يبدو من الصعب تأمين نِصاب قانوني لجلسة انتخاب رئيس (حضور 86 نائباً) من دون التوصل إلى نوع من الاتفاق أو لتسوية معينة بين العدد الأكبر من الكتل النيابية.
وما لم يتم هذا الاتفاق، فستكون البلاد على موعد مع تكرار سيناريو الانتخابات الرئاسية الأخيرة حين شهدت فراغا رئاسياً استمر عامين ونصف عام، جراء تعطيل “حزب الله ” وحلفائه النصاب قبل التوصل لتسوية أدت إلى انتخاب ميشال عون رئيساً.
وبشأن مواصفات رئيس الجمهورية المطلوب في الوقت الحالي، قال النائب وضاح الصادق إن “لبنان فى مرحلة سيئة جدا، ولذلك فرئيس الجمهورية لابد أن يكون قياديا، ومنفتحا على العالم العربي والمجتمع الدولي، وأن تكون لديه استقلالية قرار بشكل كامل، وأن يقود فريقا من الخبراء لإيجاد حلول لكافة المشكلات الحالية”.
وبشأن وجودأرضية للتوافق، أكد أن هناك الكثير من الكتل ونواب المعارضة المستقلين تتبنى نفس الهدف.
وبخصوص عناوين مبادرة نواب التغيير، أوضح الصادق في تصريحات سابقة أن “لبنان بحاجة إلى رئيس توافقي لا يكون صداميا، يشكل مع الحكومة فريق عمل واحد، ويعمل على حل المشاكل الاقتصادية والمالية”.
وتابع: “نحن بلد صغير وحل مشاكلنا لا يتطلب وقتا، وهذا هو الأساس”، لافتا إلى أن “المبادرة لا تطرح أسماء معينة لمرشحين، فهذا الموضوع نناقشه مع الكتل وبعدها نتفق على الأسماء”.
اجتماعات المعارضة
وعشية دخول لبنان المهلة الدستورية للاستحقاق الرئاسي، تكثفت الاجتماعات بين مكونات المعارضة اللبنانية.
وقبل يومين، عقد النائب فؤاد مخزومي لقاء مع مجموعة من نواب التغيير والمعارضة وهم؛ نديم الجميل، وإلياس حنكش، وسليم الصايغ، وميشال معوض، وأديب عبد المسيح، وأشرف ريفي، ونعمة فرام، وغسان سكاف، وجميل عبود.
واعتبر المجتمعون، في بيان صدر عقب اللقاء، أن “الاستحقاق الرئاسي مفصلي، وسيرسم مستقبل لبنان للسنوات المقبلة”.
وتوافقوا على “أهمية إيصال رئيس جمهورية إنقاذي، لا رئيس يشكل امتداداً للنهج الحالي، أو مجرد رئيس يدير الأزمة ويشهد على انهيار البلد ومؤسساته”.
وأجمعوا على “أهمية التوصل إلى مقاربة جامعة ومشتركة تتوافق عليها مختلف القوى السيادية والإصلاحية والتغييرية؛ لخوض هذا الاستحقاق وانتشال البلد من أزماته.
كما اتفقوا على عقد اجتماعات بشكل مكثف ودائم، لأهمية وضرورة التنسيق وتعزيز العمل المشترك بينهم في هذه الظروف الصعبة والحاسمة.